خواطر حول التحذير من الغلول من الغنيمة
الكتاب هم :
عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب
علي بن محمد بن عبد الوهاب
حمد بن ناصر بن معمر"
وفى بداية الكتاب تنول الثلاثة أن المسلم يسمع الموعظة فيعمل بها وأما الكفر فلا يعمل بها وهذا قولهم حيث قالوا:
"وبعد ...
قال الله تعالى: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}، فالمؤمن إذا ذكر تذكر، وإذا وعظ انتفع بالموعظة، وعمل بمقتضاها.
وأميركم - جزاه الله خيرا - نصحكم، ووعظكم، وأبدى وأعاد، ومع ذلك لم ينتفع بالموعظة إلا القليل، والله تعالى قد ذكر عن الكفار، أنهم لا ينتفعون بالذكر، قال تعالى: {وإذا ذكروا لا يذكرون}، ومن سمع المواعظ ولم ينتفع بها، فقد شابه الكفار في بعض أحوالهم، وذلك دليل على عدم معرفة الله وخشيته، لأن المؤمن إذا ذكر انتفع، كما قال تعالى: {سيذكر من يخشى}."
وتناولوا موضوع الغلول حيث قالوا:
"والغلول قد عظم الله أمره، وأخبر في كتابه؛ أن صاحب الغلول، يأتي به يوم القيامة، قال تعالى: {ومن يغلل يات بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}.
وجاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتغليظ الشديد، والوعيد الأكيد، على من غل شيئا من المغنم، قليلا كان أو كثيرا.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فذكر الغلول وعظمه، وعظم أمره، ثم قال: لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة، وعلى رقبته بعير له رغاء، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا، قد بلغتك; لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة، على رقبته فرس له حمحمة، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا، قد بلغتك ; لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة، على رقبته شاة لها ثغاء، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة، على رقبته نفس لها صياح، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك; لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة، على رقبته رقاع تخفق، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك; لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة، على رقبته صامت، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك)."
والغلط فى الرواية التى بم يقلها النبى(ص) أن الغال يحمل ما أخذه من الغنيمة كالإبل والبقر يوم القيامة على رقبته وهو ما يهارض أن الإنسان مسلم أو كافر يأتى وحده ليس معه أحد فى يوم القيامة وفى هذا قال سبحانه:
"ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم "
وأما معنى الآية الاتيان بالغلول عن فهو أن العمل وهو الغلول مسجل فى كتاب الإنسان الذى يتسلمه بيده اليمنى أو اليسرى يراه صوتا وصورة كما قال سبحانه :
" فمن يعمل مثقال ذره خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"
وذكروا رواية أخرى حيث قالوا:
:وعن عبد الله بن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الحجر يرمى به في جهنم فيهوي سبعين خريفا ما يبلغ قعرها، ويؤتى بالغلول فيقذف معه، ثم يقال لمن غل ائت به، فذلك قوله: {ومن يغلل يات بما غل يوم القيامة}"
والغلط فى الرواية التى لم يقلها النبى(ص) هو قياس الرواية العمق فى جهنم بالزمن وهو ما يعارض كون المسافة تقاس بالطول المكانى ولا تقاس بالزمن
والغلط أيضا دخول الغلول النار كالكفار ومن المعروف أن من يدخل النار هم الكفار وليست المخلوقات الأخرى التى لم تذنب كالبقر والإبل كما قال سبحانه :
" ولا تزر وازرة وزر أخرى"
فما هو ذنب تلك المخلوقات حتى تدخل النار؟
وقالوا أيضا :
"وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صدر من حنين: (أدوا الخيط والمخيط، فإن الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامة)
وعن أبي هريرة، قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ففتح الله عليه، ثم انطلقنا إلى الوادي- يعني وادي القرى - ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له، فلما نزلنا قام يحل من رحله، فرمي بسهم كان فيه حتفه، فقلنا هنيئا له الشهادة، يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا والذي نفس محمد بيده، إن الشملة لتلتهب عليه نارا، التي أخذها من المغانم يوم خيبر، لم تصبها المقاسم. قال: ففزع الناس، فجاء رجل بشراك أو شراكين، فقال: أصبته يوم خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك أو شراكان من نار)"
والرواية الخيرة لم يقلها النبى (ص) لمعارضتها الخبر فى القرآن والغل علم النبى(ص) بالغيب الممثل فى دخول العبد النار بسبب الشملة مع أن أحا لم يراه وهو ما يخالف أن النبى(ص) أو غيره لا يعلم الغيب كما قال سبحانه على لسانه:
" ولا أعلم الغيب"
وقالوا أيضا:
"وعن أبي حازم، قال: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بنطع من الغنيمة، فقيل: يا رسول الله، هذا لك تستظل به من الشمس، فقال: أتحبون أن يستظل نبيكم بظل من نار)
وعن عبد الله بن عمرو، قال: (كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: "كركرة" فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو في النار. فذهبوا ينظرون إليه، فوجدوا عباءة قد غلها)"
والرواية ألأخيرة فيها نفس الغلط فى رواية سابقة وهو العلم بالغيب وهو دخول كركرة النار بسبب عباءة
وتناولوا كثرة الروايات الناهية عن الغلول حيث قالوا:
"فالأحاديث في النهي عن الغلول، والتشديد على من فعله، كثيرة جدا.
فاتقوا الله عباد الله، وتعاونوا على البر والتقوى، وتناصحوا فيما بينكم، واذكروا زوال الدنيا وسرعة انقضائها; وليحذر الناصح لنفسه، أن يلقى الله وقد غذي جسمه بالحرام.
ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما لحم نبت على السحت، كانت النار أولى به) "
الرواية لم يقلها النبى(ص) لأن معناها مثلا أن يدخل إبراهيم(ص) النار لأن لحمه نبت من ثمن بيع الأصنام التى كانت صناعة والده آزر فالنار للكفار وليس للحوم لأنه لا ذنب لمن تربوا على الحرام دون أن يعلموا ثم أسلموا ولو أخذنا بالرواية لكان معناها أن الصحابة الذين كانوا يبيعون الخمر قبل تحريمها سيدخلون النار لأنه تغذوا على ربحها هم وأولادهم
وتناول الكتاب الثلاثة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالكلام حيث قالوا:
"والله سبحانه فرض على عباده الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وذم من لا يفعل ذلك، فقال تعالى: {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}.
فمن علم عند أحد شيئا من المغنم، فلينصحه وليأمره بأدائه، فإن لم يفعل فليرفع حاله إلى الأمير، فإذا سكت عن الغال، كان شريكا له في الإثم.
ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كتم غالا فإنه مثله)
ولا عذر لأحد - ولله الحمد - في ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر; والغلول قد فشا في الناس واشتهر؛ والمعصية إذا خفيت صار وبالها على من فعلها، فإذا ظهرت ولم تنكر ضرت العامة؛ نعوذ بالله وإياكم من زوال نعمه، وحلول نقمه.
والله تعالى - وله الحمد - قد أعطاكم ما تحبون، وصرف عنكم ما تكرهون، فكونوا ممن يحدث عند النعم شكرا، فإن الله وعد الشاكرين المزيد من فضله، فقال تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.
والمعاصي سبب لتغيير النعم، كما قال تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}"
والكلام صحيح فالبعد عن إنكار المنكر يؤدى إلى أن يعاقب الله الكل على ظلمهم كما قال سبحانه:
" ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار"
وتناولوا تأويلات بعض الناس عن تحليل الأمر بكون الإمام أعطاه أو أن ما أخذه قليل لا أحد يهتم به كالعصا على الأرض وهو قولهم حيث قالوا:
"وكثير من الناس، يتأول في الغنيمة تأويلات فاسدة، منها استرخاص الإمام، أو طلبه منها، ويظن أن الإمام إذا رخص له، أو طلبه فأعطاه، أن الغنيمة تحل له بذلك والأمير لا يحلل الحرام وربما يجوز للإمام أن يعطي، ولا تحل العطية لمن أخذها.
فقد جاء في الحديث الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني لأعطي الرجل العطية، فيخرج بها يتأبط بها نارا)، أو كما قال"
الرواية لم يقلها النبى(ص) فكيف يعطى الرسول (ص)الفرد ما يدخله النار وهو رحمة للعالمين ؟كلام لا يتطابق مع الخبر فى كتاب الله عن رحمة النبى(ص) وكونه مانع للناس عن النار " كافة للناس"
وتناولوا فرضية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على كل مسلم حيث قالوا:
"والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فرض على من قدر عليه من جميع الرعية؛ وهو في حق الإمام أعظم، فلا يجوز للإمام ترك الإنكار على أحد من المسلمين، بل يجب عليه القيام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على القريب والبعيد، ويؤدب الغال بما يردعه وأمثاله، عن الغلول من أموال المسلمين.
وقد روى أبو داود، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا وجدتم الرجل قد غل، فاحرقوا متاعه واضربوه).
وعن عمرو بن شعيب، قال: (إذا وجد عند الرجل الغلول، أخذ وجلد مائة جلدة، وحلق رأسه ولحيته، وأخذ ما كان في رحله من شيء، إلا الحيوان، وأحرق رحله، ولم يأخذ سهما في المسلمين أبدا)، قال: (وبلغنا أن أبا بكر وعمر كانا يفعلانه)."
والروايات الثلاثو لم يقلها النبى(ص) ولا فعلها الصحابة للتالى :
حرمة حرق المتاع أولا لأنه لا ذنب للمتاع فالمذنب هو الغال وهو ما لا يتفق مع قوله سبحانه" ولا تزر وزارة وزر أخرى"
وثانيا لأن حرق المال هو تضييع له بلا سبب لا يتفق مه قوله سبحانه:
"ولا تسرفوا"
وقوله " ولا تبذر تبذيرا"
وأما عقاب الغال فهو أمر صحيح وتناول الثلاثة بعض واجبات الإمام حيث قالوا:
"فالواجب على الإمام؛ القيام على الناس بالآداب البليغة التي تزجر عن المعاصي، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
ومن سمع المواعظ والزواجر، من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلم يرتدع، ولم ينزجر؛ استحق العقوبة البليغة التي تزجره، على فعل المنكرات، وتعاطي المحرمات والغلول قد فشا وظهر، واشتهر، وكثير من الناس لا يعده ذنبا، ولا ينقص الغال عند من لا يغل، ولا يسقط من أعين الناس، مثل سقوط السارق ونحوه، ممن يفعل الكبائر، والغلول من الكبائر المحرمة، التي حرمها الله ورسوله(ص)"
إذا العقاب مع الوعظ و الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو ما يحافظ على التزام الناس بطاعة أحكام الله