الحروفيون والإعجاز الرقمى
فى البداية لابد من القول أن الله قادر على كل على صنع أى أمر ومن ذلك أن يكون وحيه منسق رقميا وفى هذا وغيره تكرر القول فى القرآن:
"إن الله على كل شىء قدير "
ولكن لم يرد هذا لأن وحيه ليس لكى يعده الناس وإنما لطاعته واتباعه كسبب للرحمة والهداية وفى هذا قال سبحانه:
"اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم"
وقال فى القرآن :
"شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان"
وما لاشك فيه أن إعجاز القرآن اللغوى أو الرقمى هو تعبير غير قرآنى لم يتحدث الله عنه وإنما تحدث عنه بأوصاف كثيرة تتخلص فى :
الصدق والعدل حيث قال :
" وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا"
حكايتى مع الحروفيين بدأت منذ أكثر من أكثر من خمسة وثلاثين عاما عندما قرأت مقالات عائشة عبد الرحمن عن بدعة البهائية وكان أول من استغل ما يسمونه الإعجاز الرقمى فى تضليل الناس وتحويلهم من الإسلام إلى الديانة البهائية هو شخص يسمى رشاد خليفة كانت أستاذا فى كلية الزراعة ثم بعد أن نشر بدعته للترويج للبهائية هاجر إلى الولايات المتحدة وادعى النبوة هناك وقد ساهم دون قصد مصطفى محمود بالترويج لتلك البدعة الرقمية والتى كانت تعتمد على أن الرقم السرى فى القرآن هو الرقم 19 من قوله سبحانه فى خزنة النار" عليها تسعة عشر"
وفى ذلك الزمان انخدعت فى البداية كما ينخدع الكثيرون حاليا بالرقمنة أو الرقمية المزعومة فى القرآن وبناء عليها كتبت عنها فى تفسير سورة الإسراء وتفسير سورة القدر أن رقم 27 يشير إلى رقم ليلة الإسراء فى بداية سورة الإسراء ويشير إلى ليلة القدر فى سورة القدر ولكن من خلال عد كلمات ليلة القدر =9 كلمات وذكرت 3 مرات وناتج الضرب9×3=27 وقد محوت ذلك من كتاباتى فيما بعد
فى تلك السنوات قرأت كتاب فى الرقمنة القرآنية ولكن من وجهة نظر القدماء هو كتاب بصائر ذوى التمييز فى لطائف القرآن العزيز للفيروز آبادى وكان ينشر مسلسلا مع مجلة الأزهر ويباع مسلسلا حقيقة نسيت فأنا لا أتذكر ومنها تعلمت أن الرقمية ليست علما جديدا ولكن الفارق بين من يريد خدمة القرآن وبين من يريد تحريف معانيه هو فارق شاسع
هذا الكتاب علمنى وجود مدارس للعد هى الكوفية والبصرية والبغدادية والقاهرية مع وجود مدارس أقل شهرة كانت تعد حروف كل سورة وكلماتها كما تعد الآيات
العد بين المدارس اختلف فى أعداد الحروف والكلمات نتيجة اختلافات أسس العدد فبعضها كان يعتبر رسم الكلمة فى القرآن وبعضها كان يأخذ الحروف التى لا تظهر فى الكلمة مع الظاهرة والتى تكتب فوقها ا و ى صغيرة فمن المعروف أن كلمة الصلاة تكتب أحيانا الصلوة بوضع ألف صغيرة فوق الواو فبعضهم كان يعدها واو وبعضهم يعدها ألفا
المهم أن ذلك العد كان من أجل ألا يزاد حرف أو ينقص من المصحف وأما العد العصرى فهو يلوى عنق المعانى فرشاد خليفة فى تفسيره لاحدى الآيات أشار إلى أن احدى الكلمة تشير إلى نبوته المزعومة
وبعد رشاد ظهرت موجات من الاعجاز الرقمى يقودها حاليا عدنان الرفاعى وعبد الله جلهوم وغيرهم ومما يؤكد كذب كل ذلك أن كل واحد يعتمد نظاما مختلفا عن الأخر فرشاد اعتمد الرقم19 أساسا للعد والآخرين بعضهم اعتمد رقم 7 وبعضهم اعتمد أرقاما أخرى أو مجموعها وبالطبع لو كان الكلام صحيحا لكان نظام القرآن واحد وليست نظم مختلفة
اليوم فوجئت بمنشور من عدد من الأصدقاء نشروه عن تحديد ليلة القدر اعتماد على عد كلمات ليلة القدر
بالطبع الأصدقاء ومن ينشر المنشور هدفه نبيل وهو بيان فضل القرآن ولكن لا أحد كلف نفسه بالعد الحقيقى للكلمات وإنما الكل صدق ما نشره أول ناشر
بداية أى تلميذ يعلمه معلم اللغة العربية أن الكلمة تنقسم إلى اسم وفعل وحرف كأول درس فى النحو ومن كتب الموضوع لكى يصل إلى مبتغاه تعمد الأخطاء التالية :
1-إلغاء البسملة من السورة فلم يعد كلماتها لأن الخمسة كلمات باعتبار الباء كلمة لأنها من حروف الجر تجعل هى رقم بعد الثلاثين حسب عده
2- ألغى عد حروف واو العطف مرتين في كل من "وما أدراك" و" الملائكة والروح" وباء الجر مرة فى " بإذن" ككلمات والمفترض أن يعد كل الحروف كما عد فى ومن كحروف
2- تناسى الكاتب أن هناك آيات فى أول سورة الدخان تتناول ليلة القدر والمفترض أن يكون نظام عدها هو نفس نظام عد سورة القدر وهى :
"1 حم 2والكتاب 3المبين 4إنا 5أنزلناه 6فى7 ليلة8 مباركة9 إنا 10كنا 11منذرين12 فيها13 يفرق 14كل15 أمر16 حكيم17 أمرا18 من 19عندنا20 إنا21 كنا 22مرسلين 23رحمة24 من 25ربك 26إنه 27هو28 السميع 29العليم "
وفد ألغيت من عدى هنا حرف الواو كما فعل فى عده ومع هذا فعدد كلمات الآيات هو 29 وليس 30
إذا لو كان تناسق رقمى بين السورتين لكان عدد الكلمات 30 ولكان هناك ضمير هى بدلا من هو
وأما العد حسب القاعدة النحوية فهو :
"1إنا 2أنزلناه 3فى4 ليلة5 القدر6 و 7ما 8 أدراك 9ما 10ليلة11 القدر 12ليلة 13القدر14 خير 15من16 ألف17 شهر18 تنزل19 الملائكة 20و 21الروح22 فيها 23 ب 24إذن 25ربهم 26من 27 كل28 أمر 29سلام 30 هى 31حتى 32مطلع33 الفجر"
وهنا لم أعد البسملة ليظهر الفرق بين العدد الحقيقى وبين العد المحرف له
والمنشور الذى نشره الأصحاب هو :
" تأملوا الإعجاز فى سورة ( القدر ) من القرآن الكريم :
إنا ١
أنزلناه ٢
فى ٣
ليلة ٤
القدر ٥
وما ٦
أدراك ٧
ما ٨
ليلة ٩
القدر ١٠
ليلة ١١
القدر ١٢
خير ١٣
من ١٤
ألف ١٥
شهر ١٦
تنزل ١٧
الملائكة ١٨
والروح ١٩
فيها ٢٠
بإذن ٢١
ربهم ٢٢
من ٢٣
كل ٢٤
أمر ٢٥
سلام ٢٦
هى ٢٧
حتى ٢٨
مطلع ٢٩
الفجر ٣٠
عدد كلمات سورة القدر ٣٠ كلمة بعدد أجزاء القرآن
وعدد حروفها ١١٤ حرف بعدد سور القرآن الكريم
وكلمة( هى ) في السورة رقمها ( ٢٧ ) إشارة إلى أن ليلة القدر هى ليلة ( ٢٧ ) من شهر رمضان
كلمة ( القدر ) تكررت في السورة في الأرقام ٥-١٠-١٢
لو جمعت ٥+١٠+١٢ = ٢٧
دليل أيضا على أن ( ليلة القدر ) هي ليلة ٢٧ من رمضان"