عطيه الدماطى
المساهمات : 2102 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: خواطر حول كتاب أسرار المعوذتين الجمعة مارس 03, 2023 7:58 pm | |
| خواطر حول كتاب أسرار المعوذتين الكاتب هو فرحان العطار وتسمية الكتاب باطلة فلا وجود لأسرار فى كتاب الله لأن الغرض من القرآن هو بيان الأحكام كما قال سبحانه: "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء" وقال: " ثم إن علينا بيانه" وقال الكاتب : "فروى مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس )" بمثل هذا استقبل النبي صلى الله عليه وسلم هاتين السورتين العظيمتين ، وهو استقبال له دلالات وعلامات يجدر الوقوف عندها ، ويحسن تأملها والرشف من معينها ، و قد تأملت ما وجدته من كلام العلماء والمفسرين ، فأدهشني ما وجدته من فوائد و فرائد ، فعملت على ترتيبها وتنسيقها بشكل مختصر لتعم الفائدة " والعلط فى الرواية هو تفاضل سور القرآن وهو ما يخالف أن السور واحدة المكانة والمنزلة لأنها كلها من عند الله وكلام الله كله واحد صدق عدل كما قال سبحانه: " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا" وقال عن الأسرار وهى ليست بأسرار حيث قال : "من أسرار المعوذتين 1-أن من مقاصد السورتين : تعميق التوحيد في النفوس وتعزيزه ، وذلك لحاجة النفوس لمن يحفظها ويدفع عنها أنواع الشرور والأذى ، وتعلقها بمن يحميها ويدفع عنها الشر ويرفعه عنها ." وهذا مفهوم خاطىء للاستعاذة التى لا تعنى الاحتماء من الأضرار بكلمة التعوذ وإنما الاستعاذة تعنى الاحتماء من عقاب الله بطاعة أحكام الله فمجرد جملة قل أعوذ برب كذا لا تحمى أحدا من شىء وقال : 2- و في السورتين شهادة على بلاغ النبي صلى الله عليه و سلم لرسالته بكل أمانة و صدق ، يشهد لهذا قول أبي بن كعب - رضي الله عنه - : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين فقال : ( قيل لي فقلت ) فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه البخاري " والسورتين ليس فيهما أى دليل على إبلاغ الرسول(ص) للناس وإنما ما فيهما هو أمر الرسول(ص) بالإبلاغ وهناك فارق بين الشهادة على الابلاغ وبين وجوب الإبلاغ بكلمة قل وقال أيضا: 3- قال ابن تيمية في " ففي سورة الإخلاص الثناء على الله،وفي المعوذتين دعاء العبد ربه ليعيذه، والثناء مقرون بالدعاء، كما قرن بينهما في أم القرآن المقسومة بين الرب والعبد : نصفها ثناء للرب،ونصفها دعاء للعبد، والمناسبة في ذلك ظاهرة؛ فان أول الإيمان بالرسول الإيمان بما جاء به من الرسالة وهو القران، ثم الإيمان بمقصود ذلك وغايته وهو ما ينتهي الأمر إليه من النعيم والعذاب . وهو الجزاء، ثم معرفة طريق المقصود وسببه وهو الأعمال : خيرها ليفعل، وشرها ليترك ثم ختم المصحف بحقيقة الإيمان وهو ذكر الله ودعاؤه، كما بنيت عليه أم القران، فان حقيقة الإنسان المعنوية هو المنطق، والمنطق قسمان : خبر وإنشاء، وأفضل الخبر وانفعه وأوجبه ما كان خبرا عن الله كنصف الفاتحة وسورة الإخلاص، وأفضل الإنشاء الذي ه والطلب وانفعه وأوجبه ما كان طلبا من الله، كالنصف الثاني من الفاتحة والمعوذتين . " وهذا الكلام لا يوجد منه شىء فى المعوذتين فلا يوجد ما يدل على الإيمان بالرسول (ص) ولا على الجزاء فكلاهما فى إطار واحد وهو الاستعاذة بالله من الشرور وهى الوساوس وقال أيضا: 4- أن الشر الذي يصيب العبد لا يخلو من قسمين : أ - إما ذنوب وقعت منه يعاقب عليها فيكون وقوع ذلك بفعله وقصده وسعيه ، ويكون هذا الشر هو الذنوب وموجباتها وهو اعظم الشرين وأدومهما وأشدهما اتصالا بصاحبه و هذا سببه الوسوسة من شياطين الإنس والجن و هذا ما تضمنته سورة الناس . ب - وإما شر واقع به من غيره ، وذلك الغير إما مكلف ، أو غير مكلف ، والمكلف إما نظيره وهو الإنسان ، أو ليس نظيره وهو الجني وغير المكلف مثل الهوام وذوات الحمى وغيرها و هذا ما تضمنته سورة الفلق فتضمنت هاتان السورتان الاستعاذة من هذه الشرور كلها بأوجز لفظ وأجمعه وأدله على المراد وأعمه استعاذة ." 5- سورة الفلق تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو ظلم الغير له بالسحر والحسد وهو شر من خارج ، وسورة الناس تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو سبب ظلم العبد نفسه وهو شر من داخل فالشر الأول لا يدخل تحت التكليف ولا يطلب منه الكف عنه ، لأنه ليس من كسبه . والشر الثاني في سورة الناس فيدخل تحت التكليف ويتعلق به النهي . فهذا شر المعائب والأول شر المصائب ، والشر كله يرجع إلى العيوب والمصائب ولا ثالث لهما فانتظمتهما السورتان بأحسن لفظ واوجز عبارة " الخطأ أن الاستعاذة فى الفلق من أسباب خارجية وهو ما يعارض أن قوله" من شر ما خلق" تعنى كل الشرور من كل المخلوقات وأن الاستعاذة فى الناس من أسباب داخلية لأن الشياطين قد تكون شيطان الفرد الداخلى وقد تكون شيطان خارجى من الغير كما قال سبحانه: وإن الشياطين ليوحون إلى أولياءهم ليجادلوكم وقال : 6- الاستعاذة في سورة الفلق من المضار البدنية وتكون من الإنسان وغيره ، جاءت الاستعاذة عامة ، والاستعاذة في سورة الناس من الأضرار التي تعرض للنفوس البشرية وتخصها فجاءت الاستعاذة مخصصة من نوع واحد ." الغلط أن الاستعاذة في سورة الفلق من المضار البدنية وهو ما يخالف أن قوله" من شر ما خلق" عام فى كل الشرور كما أن الحسد يكون غير بدنى كالحسد فى المال أو كالحسد فى زوال الدين وهو نفس كما قال سبحانه: "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم" وقال أيضا : 7- واعلم أن هذه السورتين لطيفة : وهي أن المستعاذ به في السورة الأولى مذكور بصفة واحدة وهي أنه رب الفلق، والمستعاذ منه ثلاثة أنواع من الآفات، وهي الغاسق والنفاثات والحاسد، وأما في سورة الناس فالمستعاذ به مذكور بصفات ثلاثة: وهي الرب والملك والإله والمستعاذ منه آفة واحدة، وهي الوسوسة" الغلط أن المستعاذ به ثلاث فى الفلق وهو ما يخالف أن قوله ط من شر ما خلق" شامل لكل الشرور وحتى إن اعتبرناه واحد من الشرور فهم أربعة شر من خلق والغاسق والنفاثات والحاسد وقال أيضا: 8- يترتب على ما سبق أن الثناء يجب أن يتقدر بقدر المطلوب، فالمطلوب في سورة الفلق سلامة النفس والبدن، والمطلوب في السورة الثانية سلامة الدين، وهذا تنبيه على أن مضرة الدين وإن قلت: أعظم من مضار الدنيا وإن عظمت،" المطلوب فى الفلق ليس سلامة النفس والبدن فقط لأنها من كل الشرور لقوله " من شر ما خلق" ولأن كما سبق القول من الحسد زوال الدين كما فى آية حسد الكتابيين للمسلمين متمنين زوال إيمانهم وهو إسلامهم وقال أيضا : 9- فرق بين نفس الالتجاء الاعتصام وبين طلب ذلك ، فلما كان المستعيذ هاربا ملتجئا معتصما بالله أتى بالفعل الدال على ذلك فقال ( أعوذ ) دون الفعل الدال على طلب ذلك ، و لا ضير أن يأتي بالسين فيقول : استعيذ بالله أي أطلب منه أن يعيذني ، ولكن هذا معنى غير نفس الاعتصام والالتجاء الهرب إليه . فالأول مخبر عن حاله وعياذه بربه وخبره يتضمن سؤاله وطلبه أن يعيذه . والثاني : طالب سائل من ربه أن يعيذه كأنه يقول : أطلب منك أن تعيذني فحال الأول أكمل" هذا الكلام لا علاقة له بالسورتين لأن الفعل واحد وهو أعوذ ولم يرد فيهما استعذ وقال أيضا : 10- اقترن الحاسد والساحر في السورة لأن مقصدهما الشر للناس ، والشيطان يقارن الساحر والحاسد ويحادثهما ويصاحبهما ، ولكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشيطان وأما الساحر فهو يطلب من الشيطان أن يعينه ويستعينه فلهذا والله أعلم قرن في السورة بين شر الحاسد وشر الساحر لأن الاستعاذة من شر هذين تعم كل شر يأتي من شياطين الإنس والجن فالحسد من شياطين الإنس والجن والسحر من النوعين وبقي قسم ينفرد به شياطين الجن وهو الوسوسة في القلب فذكره في سورة الناس ." الغلط انفراد شياطين الجن بالوسوسة فى القلب وهو ما يعارض أن الجن يوسوس لهم الشيطان وهو هوى النفس لأن النوعين يوسوس بهما الشيطان كما قال " الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس" وقال أيضا: 11- قال بعضهم : لما أمر القارىء أن يفتح قراءته بالتعوذ من الشيطان الرجيم، ختم القرآن بالمعوذتين ليحصل الاستعاذة بالله عند أول القراءة وعند آخر ما يقرأ من القرآن، فتكون الاستعاذة قد اشتملت على طرفي الابتداء والانتهاء، فيكون القارىء محفوظا بحفظ الله، الذي استعاذ به من أول أمره إلى آخره." الغلط أن الله أمر بالاستعاذة قبل قراءة القرآن وهو ما يخالف أن الاستعاذة تكون بعد القراءة كما قال سبحانه : "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" وهو قلب لمعنى الآية وهى فى الاستعاذة بمعنى الطاعة فمن يقرأ القرآن يحتمى من عقاب الله بطاعة أحكامه التى قرأها وقال أيضا: 12- في سورة الفلق تم تخصيص ثلاثة أنواع من الشرور بعد ذكر عموم الشر لتكون كالتالي: أحدهما: وقت يغلب وقوع الشر فيه وهو الليل. والثاني: صنف من الناس أقيمت صناعتهم على إرادة الشر بالغير. والثالث: صنف من الناس ذو خلق من شأنه أن يبعث على إلحاق الأذى بمن تعلق به." والحقيقة أن الغاسق لا يعنى أن وقت الشر هو الليل وإنما يعنى الظالم فالاستعاذة هى من ظلم الظالم إذا ظلم وقال أيضا : 13- بعث الأمل في النفوس وانتظارها لموعود الله عز وجل بالفرج وذلك من قوله تعالى (الفلق ) وهو كل ما يفلقه الله تعالى، كالنبات من الأرض ووالجبال عن العيون، والسحاب عن المطر، والأرحام عن الأولاد، والحب والنوى وغير ذلك فطلوع الصبح مثلا كالمثال لمجيء الفرج فتعليق العياذ باسم الرب المضاف إلى الفلق المنبئ عن النور عقيب الظلمة والسعة بعد الضيق والفتق بعد الرتق عدة كريمة باعاذة العائذ مما يعوذ منه وانجائه منه وتقوية لرجائه بتذكير بعض نظائره ومزيد ترغيب له في الجد والاعتناء بقرع باب الالتجاء إليه عز وجل" بالطبع كلمة الفلق لا تدل على ما ذهب إليه الكاتب من كونها بعث للأمل فى النفوس وانتظار الفرج وإنما تدل على قدرة على الخلق وهو الفلق حيث ينشىء المخلوقات من شىء صغير كما قال سبحانه: "فالق الحب والنوى" وقال أيضا: 14- لما كانت الاستعاذة في سورة الفلق من شر كل شيء أضيف الرب إلى كل شيء أي بناء على عموم الفلق ولما كانت في سورة الناس من شر الوسواس لم يضف إلى كل شيء" الغلط هو ان الري لمن يضف إلى شىء فى سورة الناس وهو ما يخالف أنه أضيف للناس " رب الناس" وقال أيضا: 15- لما كان شر الأشياء الظلام، فإنه أصل كل فساد، وكانت شرارته مع ذلك وشرارة السحر والحسد خفية، خصها بالذكر من بين ما عمه من الخلق لأن الخفي يأتي من حيث لا يحتسب الإنسان فيكون أضر. الخطأ أن الظلام شر الأشياء ومخلوقات الله كلها حسنة كما قال سبحانه " الذى أحسن كل شىء خلقه" وقال أيضا: 16- العائن حاسد خاص وهو اضر من الحاسد ولهذا والله أعلم إنما جاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن ، لأنه أعم فكل عائن حاسد ولا بد . وليس كل حاسد عائنا ، فإذا استعاذ من شر الحسد دخل فيه العين ، وهذا من شمول القرآن وإعجازه وبلاغته" بالطبع لا وجود لما يسمى العائن فهو تخريف فلا توجد عين تنظر فتضر ما تنظر له لأنها لوجدت لكان اصحابها هم الحكام ولقضوا على الرسل(ص) والدعوة بنظرة واحدة كما قضوا على الحكام والأغنياء وغيرهم ممن لديهم مصادر القوة ولكن هذا مشاهد أو مرئى وكل ما يحدث هو : عملية ربط خاطئة بين حدوث ضرر وتواجد شخص ما فى المكان عدة مرات ولو حسب كل إنسان ما يحدث له أو غيره من مصائب وهو موجود لكنا جميعا من أصحاب العيون المضرة ليعد كل واحد إلى نفسه ويحسب عدد مرات مرض زوجته وأولاده وهم موجودين مع بعضهم فسيجد أن الأسرة كلها من هينة العيون المضرة ولكن فى الحقيقة لا وجود لذلك النوع من الحسد وقال أيضا: 17- وتأمل تقييده سبحانه شر الحاسد بقوله : ( إذا حسد ) لأن الرجل قد يكون عنده حسد . ولكن يخفيه ولا يرتب عليه أذى بوجه ما لا بقلبه ، ولا بلسانه ولا بيده ، بل يجد في قلبه شيئا من ذلك ، ولا يعاجل أخاه إلا بما يحب الله فهذا لا يكاد يخلو منه أحد إلا من عصمه الله ولا يأتمر لها بل يعصيها طاعة لله وخوفا وحياء منه وإجلالا له أن يكره نعمه على عباده ، فيرى ذلك مخافة لله وبغضا لما يحب الله ومحبة لما يبغضه . فهو يجاهد نفسه على دفع ذلك ويلزمها بالدعاء للمحسود وتمنى زيادة الخير له بخلاف ما إذا حقق ذلك وحسد ، ورتب على حسده مقتضاه من الأذى بالقلب واللسان والجوارح . فهذا الحسد المذموم وهذا كله حسد تمني الزوال ." 18- ونكر غاسق وحاسد وعرف النفاثات، لأن كل نفاثة شريرة، وكل غاسق لا يكون فيه الشر إنما يكون في بعض دون بعض، وكذلك كل حاسد لا يضر. ورب حسد محمود، وهو الحسد في الخيرات، ومنه: لا حسد إلا في اثنتين، ومنه قول أبي تمام: وما حاسد في المكرمات بحاسد" والغلط هو الحديث عن وجود حاسد بخير وغاسق بخير بينما النافث فى كل الحالات شرير ولا وجود للحسد المحمود فى كتاب الله كما أن النافث لا يعدم أن يفعل ما يوصف بالخير وقال أيضا: 19- تعتبر سورة الفلق من أكبر أدوية المحسود فإنها تتضمن التوكل على الله ، والالتجاء إليه ، والاستعاذة به من شر حاسد النعمة فهو مستعيذ بولي النعم وموليها كأنه يقول : يا من أولاني نعمته وأسداها إلي أنا عائذ بك من شر من يريد أن يستلبها مني ويزيلها عني وهو حسب من توكل عليه ، وكافي من لجأ إليه" بالطبع لا علاج خارجى للحسد لأنه مجرد تمنى نفسى لقوله سبحانه" حسدا من عند انفسهم" ومن ثم علاجه فى الحاسد هو التوبة منه وهى الاستغفار منه كما قال سبحانه: " ومن يستغفر الله يجد الله توابا رحيما" 20- تأمل حكمة القرآن وجلالته كيف أوقع الاستعاذة من شر الشيطان الموصوف بأنه الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ، ولم يقل من شر وسوسته لتعم الاستعاذة شره جميعه فإن قوله : [من شر الوسواس ] يعم كل شره ووصفه بأعظم صفاته وأشدها شرا وأقواها تأثيرا وأعمها فسادا وهي الوسوسة التي هي بداية الإرادة ، فإن القلب يكون فارغا من الشر والمعصية فيوسوس إليه ويخطر الذنب بباله فيصوره لنفسه ويمنيه ويشهيه فيصير شهوة ويزينها له ويحسنها ويخيلها له في خيال تميل نفسه إليه ، فيصير إرادة ، ثم لا يزال يمثل ويخيل ويمني ويشهي وينسي علمه بضررها ويطوي عنه سوء عاقبتها فيحول بينه وبين مطالعته فلا يرى إلا صورة المعصية والتذاذه بها فقط وينسى ما وراء ذلك فتصير الإرادة عزيمة جازمة فيشتد الحرص عليها من القلب فيبعث الجنود في الطلب فيبعث الشيطان معهم مددا لهم وعونا . فإن فتروا حركهم وإن ونوا أزعجهم كما قال تعالى : [ ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ] ، أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا كلما فتروا أو ونوا أزعجتهم الشياطين وأزتهم وأثارتهم ." وهذا الكلام مغلوط فلا فرق بين الوسواس وبين وسوسته وقال أيضا: 21- فأصل كل معصية وبلاء ، إنما هو الوسوسة . فلهذا وصفه بها لتكون الاستعاذة من شرها أهم من كل مستعاذ منه وإلا فشره بغير الوسوسة حاصل أيضا فمن شره أنه لص سارق لأموال الناس فكل طعام أو شراب لم يذكر اسم الله عليه فله فيه حظ بالسرقة والخطف ومن شره أنه إذا نام العبد عقد على رأسه عقدا تمنعه من اليقظة كما في صحيح البخاري ومن شره أنه يبول في أذن العبد حتى ينام إلى الصباح كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم" والغلط نوم الشيطان وعقده على القفا وتبوله فى أذن الإنسان وكل هذا يعارض أن الشيطان يوسوس فقط فى الصدر فقط كما قال سبحانه: "من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس " 22- في قوله تعالى : ( الخناس ) وجيء من هذا الفعل بوزن فعال الذي للمبالغة دون الخانس والمنخنس إيذانا بشدة هروبه ورجوعه وعظم نفوره عند ذكر الله وأن ذلك دأبه وديدنه لا أنه يعرض له ذلك عند ذكر الله أحيانا . بل إذا ذكر الله هرب وانخنس وتأخر فإن ذكر الله هو مقمعته التي يقمع بها كما يقمع المفسد والشرير بالمقامع التي تردعه من سياط وحديد وعصي ونحوها . فذكر الله يقمع الشيطان ويؤلمه ويؤذيه كالسياط والمقامع التي تؤذي من يضرب بها ." والخناس لا تدل على هروب الشيطان وإنما هو يوسوس لفترة ويبتعد حتى ينفذ الإنسان وسوسته الأولى فإذا نفذها عاد مرة أخرى ليقول الثانية فإذا نفذها عاد الثالثة وهكذا فالخنوس ليس هروبا وإنما يعطى الفرصة للفرد لتنفيذ الذنب لأنه لو ظل يوسوس ليل نهار فى كل وقت لن يكون هناك وفت الارتكاب الذنوب وقال أيضا: 23- قال ابن القيم " فمن لم يعذب شيطانه في هذه الدار بذكر الله تعالى وتوحيده واستغفاره وطاعته عذبه شيطانه في الآخرة بعذاب النار ، فلا بد لكل أحد أن يعذب شيطانه أو يعذبه شيطانه " . 24- وتأمل السر في قوله تعالى : [يوسوس في صدور الناس] ، ولم يقل في قلوبهم والصدر هو ساحة القلب وبيته . فمنه تدخل الواردات إليه فتجتمع في الصدر ، ثم تلج في القلب فهو بمنزلة الدهليز له و هذا من رحمة الله عز وجل ." والغلط ان الصدر غير القلب والقلب والنفس والفؤاد والوازرة كل هذا معناه واحد 25- وإنما ذكر أنه رب الناس، وإن كان ربا لجميع الخلق لأمرين: أحدهما: لأن الناس معظمون؛ فأعلم بذكرهم أنه رب لهم وإن عظموا. الثاني: لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم، فأعلم بذكرهم أنه هوالذي يعيذ منهم. وإنما قال: "ملك الناس إله الناس" لأن في الناس ملوكا يذكر أنه ملكهم. وفي الناس من يعبد غيره، فذكر أنه إلههم ومعبودهم، وأنه الذي يجب أن يستعاذ به ويلجأ إليه، دون الملوك والعظماء فهو ربهم الحق والملك الحق والإله الواحد المستحق للعبادة وحده و ما دونه فهو مربوب لا يملك لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا 26- جاءت الاستعاذة برب الناس مضافا إليهم خاصة لأن الاستعاذة وقعت من شر الموسوس في صدور الناس فكأنه قيل : أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي تملك عليهم أمورهم وهو الاههم ومعبودهم 27- والآية من باب الترقي، وذلك أن الرب قد يطلق على كثير من الناس، فتقول: فلان رب الدار، وشبه ذلك، فبدأ به لاشتراك معناه, وأما الملك فلا يوصف به إلا آحاد من الناس، وهم الملوك، ولا شك أنهم أعلى من سائر الناس، فلذلك جيء به بعد الرب، وأما الإله فهواعلى من الملك، ولذلك لا يدعي الملوك أنهم آلهة، وإنما الإله واحد لا شريك له ولا نظير." والغلط هو الترقى فكلمة رب تعنى ملك تعنى إله ففى كل الأحوال هو مالكهم أى خالقهم 28- في تكرير لفظ الناس أنه إنما تكررت هذه الصفات، لأن عطف البيان يحتاج إلى مزيد الإظهار، ولأن هذا التكرير يقتضي مزيد شرف الناس، لأنه سبحانه كأنه عرف ذاته بكونه ربا للناس، ملكا للناس، إلها للناس. 29- في السورة الثانية بيان لشرف الناس و ذلك لأمور منها : أولا : أنه ختم كتابه بسورة الناس و هذا له دلالته واسراره . ثانيا : أن آخر كلمه عند ختم المصحف هي كلمة ( الناس ) و في هذا مزيد شرف و عناية . ثالثا : تكرر كلمة ( الناس ) خمس مرات في هذه السورة و هذا أيضا له دلالاته فدل ذلك بأن الناس أشرف مخلوقاته وإلا لما ختم كتابه بتعريف ذاته بكونه ربا وملكا وإلها لهم." والخطأ أن كتاب الله ختم بكلمة الناس فهذه هى الكتابة المصحفية وأما أخر القرآن فهو : "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا" فهى أخر ما نزل من القرآن وهى ما يجب ختم المصحف به 29- في السورتين ابطال رد على من اتهامات المشركين للنبي صلى الله عليه و سلم بأنه ساحر أو بأن له رئي من الجن و نحو ذلك من الاتهامات . 30- في سورة الناس تذكير بخطورة شياطين الأنس و قل من ينتبه لهذا الأمر و لو قام أحدنا بزيارة للسجون أو دور الملاحظة لعلم خطر هذه الوسوسة من شياطين الأنس حتى كان التذكير بها في آخر المصحف ." والحقيقة أن كلنا خطيرون على بعضنا البعض عند التعاون على الشر فكل واحد منا فيه شيطانه الذى يوسوس له | |
|