الدعاء ألا نحتاج لأحد؟
المفترض أن أدعية الناس :
رب لا تحوجنى لأحد
يا رب طول عمرى لا تحوجنى أحد
وأدعية أخرى بهذا المعنى وهو :
أن الإنسان يطلب من الله ألا يجعله عاجزا يحتاج إلى من يخدمه
هى أدعية محرمة باعتبارها اعتراض على أحكام الله التى شرعها بكوننا نحتاج غلى بعض فى أوقات وظروف معينة
هذه الأدعية عندما تكثر فى مجتمع ما فقد ترك المجتمع دينه وتخلى عنه
الشرع جعلنا كلنا نحتاج إلى معاونة بعضنا البعض حيث قال :
" وتعاونوا على البر والتقوى "
ومن ثم وجدنا موسى(ص) يطلب من الله أن يعطيه حاجته وهى :
أخاه شريكه الذى يعاونه على أداء رسالة الله حيث قال :
" وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ"
بالطبع الله العليم بخلقه جعل كل البشر محتاجين لبعض ومن ثم فرض على البعض منا واجبات أو حقوق كما يسميها البعض
فمثلا المريض أوجب الله على أهله :
أن يريحوه من العمل الوظيفى حتى يشفى وأوجب عليهم أن ينفقوا عليهم فيطعموه كما قال سبحانه :
"لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"
ومثلا ذوى الضرر مثل العميان والعرج والمشلولين أوجب الله على أهلهم الانفاق عليهم ورعايتهم وأعفاهم من أمور عدة إذا عجزوا عنها كالعمل الوظيفى حيث قال :
"لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ"
وفى النفقة عليهم باعتبارهم أقارب قال سبحانه :
" وما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين "
وقال سبحانه أيضا :
" وآت ذا القربى حقه "
ومثلا الوالدين إذا بلغا الكبر واحد منهما أو كلاهما وهى مرحلة العجز عن أداء الوظائف المعروفة من تبول وتبرز إرادى واطعام وتنظيف النفس ... علي الأولاد خاصة البنين أن يقوموا بخدمتهم ورعايتهم حيث قال سبحانه :
"وقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا "
ومن ثم كل أفراد المجتمع محتاجون لبعضهم وهو ما فهمه الشاعر القديم حيث قال :
الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
فكلنا نخدم بعضنا البعض فالآباء والأمهات يخدمون أولادهم فى سن الطفولة وأول الشباب ومن ثم يخدمهم الأبناء عندما يبلغوا سن الكبر
ومثلا السباك يخدم كل الناس فى الصرف الصحى وتوصيل المياه وهم يخدمونه فالمعلم يخدم أولاده بتعليمهم والطبيب يخدمه وأولاده بفحصهم وكتابة العلاج لهم والمهندس يرسم له بيته ويصممه والبناء ينفذ رسم المهندس فى اتمام بيت السباك ..........
ومثلا الفلاح يمدنا بالطعام النباتى وأحيانا الحيوانى وهو يحتاج للخياط لكى يصنع له ملابسه والاسكافى لصنع له حذائه والمعلم ليعلمهم له أولاده ........
ومن ثم حياتنا كلها عبارة عن دوائر تتكرر فى أحيان كثيرة كلها متصلة ببعضها البعض ولو انقطع جزء منها فعلى الفور سيفسد المجتمع
وعلى ذلك كل أفراد المجتمع محتاجون لبعضهم البعض سواء داخل البيوت أو خارجها والاختلاف هو فى مرات الحاجة للبعض فالبعض تكثر حاجتنا له كالأقارب داخل البيت و تقل حاجتنا لمن خارج البيت فمثلا نحتاج للمعلمين فى فترة الطفولة وأول الشباب وتنتهى حاجتنا لهم ومثلا نحتاج للفلاح يوميا فى الطعام ومثلا نحتاج للمهندس مرة واحدة تقريبا فى العمر عند بناء بيت ومثلا نحتاج للسباك والكهربائى عند الضرورة وهى فساد شىء
ومن ثم المجتمع كله قائم على حاجة بعضه لبعض فكلنا نخدم بعضنا من حيث ندرى أو لا ندرى ولكن عندما ينقلب الحال ويتوقف البعض عن خدمة بعضنا البعض فقد وقعت المصيبة وهى :
أننا تركنا طاعة أحكام الله وتحولنا لطاعة أحكام الشيطان وهو المنتشر حاليا فى مجتمعاتنا
عندما أدخلت دور المسنين فى المجتمع فقد ترك بعض الأبناء واجباتهم تجاه بعض الآباء والأمهات كما أمر الله برعايتهم عند الكبر
وعندما أنشئت ملاجىء اليتامى فى المجتمع فقد ترك بعض الأقارب واجباتهم تجاه أبناء أقاربهم كما طلب الله فى قوله سبحانه :
" وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا"
وعندما أنشئت دور اللقطاء فى المجتمع فقد ترك بعض الآباء والأمهات وظائفهم فى تربية أبنائهم كما أمر الله وتركوا النفقة عليهم كما قال سبحانه :
" وما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين "
وتخلوا عن نسبة أطفالهم إليهم كما قال سبحانه :
" ادعوهم لآباءهم "
وعلى ذلك ضاع المجتمع وبعد عن دينه بتركه طاعة الواجبات التى أمره الله بعملها
ومن ثم كما ضاع التعاون على البر والتقوى أو على الخير فى المجتمع المحلى ضاع الخير بين المجتمعات المتجاورة ومن ثم تخلينا عن نصرة الآخرين كما هو حادث حاليا عندما تركت المجتمعات المجاورة أقاربهم فى فلسطين ولبنان يقتلون ويذبحون وتدمر بيوتهم ومصالحهم دون أن ينصروهم وهم قد طالبوا اخوانهم بالنصر
بالطبع من تخلى عن اخوه وقت شدته هل يتوقع من أخيه أن يعاونه عندما يكون فى شدة ؟
مخطىء من يظن أن من تركناهم يقتلون ويذبحون ويدمرون سيساعدوننا إذا حدثت شدة لنا ولكن الحقيقة التى تغيب عن العقول هى :
أكلت يوم أكل الثور الأبيض كما فى الحكاية الشهيرة
فمبدأ وأنا مالى الخاطىء
ستكون نتيجته:
أن من قتل وذبح اخوتك الأبعدين سيقتلك أنت واخوتك الأقربين فى المستقبل القريب
هذه نتيجة عدم التعاون على الخير فيما بين الاخوة الذين يعلنون أنهم ينتمون لدين واحد أن تذهب الريح وهى القوة وأن يفشل الكل كما قال سبحانه :
"وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"
لقد طالبنا الله بالاتحاد على طاعة حبل وهو دين الله وألا نتفرق إلى أديان أخرى حيث قال :
"اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا"
بالطبع :
أحيانا يوجد أخ يتخلى عن اخوه ولكن هذا الأخ المتخلى عنه قد لا يتخلى عن أخيه عندما يقع فى شدة ولكن هذه الذنوب الفردية أو القليلة كما نقول تأتى بأسوأ النتائج نتيجة سكوتنا على ظلم بعضنا لبعض وهو :
أن الله يعاقب الجميع ومن ثم فما نحن فيه حاليا من شدائد على المستوى المحلى هو إنذارات من الله نتيجة تخلينا عن المجتمعات المجاورة الخارجية
وفى هذا قال سبحانه :
" واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة"
فالعقاب الإلهى يكون شاملا للظالم والمظلوم لكى يتخلى الأول عن ظلمه وكى يدافع المظلوم عن حقه ولكن هيهات فالأول لم يتخل عن ظلمه والثانى لم يدافع عن حقوقه المنهوبة ومن ثم سيظل العقاب الدنيوى وهو تحذيرات وإنذارات من الله لنا تتكرر ولكننا لا نأخذ بالنا أنها تحذير من دخولنا النار مستقبلا وأن علينا أن نتخلى عن الظلم أو ندافع عن حقوقنا