لا تناسب ولا تشارك صاحبك أو قريبك
كلمة قالها لى المرحوم حسن هندى صديقى وابن خالى ما زالت عالقة بذهنى من أكثر من خمسة وثلاثين سنة
فى ذلك الحين لم أفكر فى الموضوع لأننا كنا فى أخر سن المراهقة ولكن فيما بعد تبين لى أن المقولة رغم أنها تحرم ما أحل الله وهو زواج الأقارب أو زواج أبناء الأصحاب أو الصاحبات كما قال سبحانه :
"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"
إلا أن المقصود من العبارة هو :
الحفاظ على الصداقة
الحفاظ على صلة الرحم
فعندما تقع المشاكل أو الطلاق بين أبناء الأقارب أو أبناء الأصحاب فإن هذا يؤثر على العلاقة بين الأقارب والصداقة بين الصاحبين وهم الأبوان أو الصاحبتين وهما الأمهات
وهذا هو ما قالوه فى مثل أخر :
يعملوها الصغار ويقعوا فيها الكبار
فمشاكل الأبناء الزوج والزوجة تؤثر فى الغالب على أبويهما وعلى أميهما سواء كانوا من الأقارب أو حتى من الأصحاب أو كانوا غير ذلك
من خلال الواقع المعاش صدقت المقولة كثيرا فمن أجل طلاق واحد هناك حوالى أكثر من حوالى عشرين أسرة دخلت فى الموضوع الاخوة والأخوات وأبناء الاخوة وأبناء الأخوات والأجداد والجدات والأعمام والأخوال والخالات والعمات وكل من يتدخل منهم للصلح أو لتسيير الأمور يكون على حسب المقولة :
" من ليس معى فهو ضدى "
بالطبع الناس لم يعودوا يفرقون بين العدل وبين الظلم فالكل متصور أن من لم يقف معه فهو ضده مع أن العدل أن تكون مع تطبيق أحكام الله وليس مع هذا أو ذلك
تخيل معى أيها القارىء :
أن أخوك أو أختك الذى كنت فى بيته أو بيتها يوما بعد يوم أو كنت فى بيتها أو بيته يوما بعد يوم قد انقطعت العلاقة بينكما ولم تعودوا تذهبون لبعضكم البعض بسبب طلاق الأبناء
تخيل أنه حتى فى الأعياد لم تعودوا تذهبون لبيوت بعضكم
تخيل أنك حتى لا ترفع سماعة الهاتف للحديث معهم مع أنكم كنتم تتكلمون يوميا عدة مرات
تخيل صمت مطبق
تخيل أنكم تتقابلون مصادفة فى فرح أو فى عزاء أو فى زيارة أو فى شارع توجهون وجوهكم فى جهة أخرى أو تسلمون على بعضكم ووجوهكم تنظر فى جانب أخر فأنتم لا تسلمون على بعض إلا من أجل الناس الواقفة والتى سوف تنتقدكم
تخيلوا أنكم أدخلتم أنفسكم فيما ليس لكم به دخل ابنكم أو ابنتكم تطلقت أو حدثت مشاكل بينكم هم شىء وأنتم شىء أخر
ألم يشرع الله الطلاق ؟
كل شىء جائز حدوثه ولكن يجب الحرص على طاعة الله بدلا من هذا الخصام والعناد فى الخصومة
بالطبع هناك حكاية فى الرواية الحديثية تدلنا على هذا التأثير السيىء بغض النظر عن صحتها أو بطلانها ولكننا نقولها على سبيل أن تلك المشاكل تؤثر على الكل مهما كانت مكانة الأب
الحكاية المقصودة هى :
أن على بن أبى طالب أراد الزواج من ابنة أبى جهل على فاطمة بنت النبى (ص) ورغم القرابة والصلة القوية بينهما فإن النبى(ص) كما تقول الروايات اعترض على الزواج لأن ابنته اعترضت وغضبت ومن ثم طلب منه ما طلبته ابنته وهو :
الطلاق إن أراد أن يتزوج من ابنة أبى جهل
3110 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدُّؤَلِيِّ الدِّيلِيِّ) حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَقْتَلَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا فَقُلْتُ لَهُ لَا فَقَالَ لَهُ فَهَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ وَايْمُ اللهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَا يُخْلَصُ إِلَيْهِمْ (إِلَيْهِ) أَبَدًا حَتَّى تُبْلَغَ نَفْسِي إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ فَقَالَ إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ قَالَ حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي (فَوَفَانِي) وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا وَلَكِنْ وَاللهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللهِ أَبَدًا
ومن ثم نجد أن التأثير هنا وصل حتى إلى أعلى مكانة يمكن وجودها بين البشر وهى الإنسان النبى
ومن ثم مهما كانت قوة الصداقة أو قوة القرابة فإنها لابد أن تضعف نتيجة مشاكل الأبناء الزوجية
بالطبع لا يمكن للمسلم أن يحرم ما أحل الله من زواج أبناء وبنات الأقارب أو أبناء وبنات الأصحاب فقد أمر الله نبيه(ص) بالزواج من قريباته المهاجرات حيث قال :
"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِنَّاۤ أَحۡلَلۡنَا لَكَ أَزۡوَ ٰجَكَ ٱلَّـٰتِیۤ ءَاتَیۡتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتۡ یَمِینُكَ مِمَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَیۡكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـٰلَـٰتِكَ ٱلَّـٰتِی هَاجَرۡنَ مَعَكَ"
ولكن البعض قد يفضل أن يبقى القرابة أو الصداقة متينة على تزويج الأبناء والبنات من بعضهم وفى النهاية الأمر بيد الأبناء والبنات وليس بيد الآباء والأمهات والأصحاب أو الصاحبات
ومن ثم يجب على البعض أن يتفهم وجهة النظر هذه فالأقارب والأصحاب يتمنى العديد من داخلهم لو زوجوا أولادهم لبعضهم وهم قد يلمحون أو يصرحون ولكن أحيانا قد يرفض الأبناء والبنات ذلك وأحيانا يرغبون فى ذلك ويقف الآباء أو الأمهات ضد ذلك
وأما الشراكة المالية بين الأقارب وبين الأصحاب فهى أمر أخر قد يؤثر على العلاقة القوية وعلى صلة الرحم حين يأخذ طرف أكثر من الأخر دون حق أو حتى بحق
مثلا قد يتشارك اثنين بالنصف فى شركة ما ولكن أحدهما يأخذ أكثر من الأخر جزء لأنه هو من يقوم بالجهد الكبير فى العمل بينما الثانى جالس فى بيته أو مكتبه لا يقوم بشىء
يظن من أخذ حقا أكثر أن هذا حق له وهو بالفعل كذلك ولكن غير مكتوب فى العقد ومن ثم يرى الثانى أن قريبه أو صاحبه قد ظلمه بعض حقه ومن ثم مبالغ تافهة قد تهدم صلة الأرحام او تنهى على الصداقة أو تبقيها على حد قول المثل :
صلح على دخن
بمعنى أن النفوس تحمل لبعضها ضغينة رغم أن المعاملة أمام الناس تكون سليمة
ومن ثم يجب أن يكون كل شىء واضح فى موضوع الشراكة فلا يتم ترك أى نقطة إلا بعد أن تبين للطرف الثانى وساعتها سيكون الأمر مريحا ولكن تظل بعض النفوس الطامعة على باطنها وقد تقلبه لظاهر افتراء على الأخر