المتاجرة بالموتى
المتاجرة بالموتى المقصود بها :
التكسب والربح من خلال شىء متعلق بالموتى
تتعدد صور المتاجرة بالموتى والمتاجرون بالموتى قد تكون الحكومات نفسها وقد يكون أفراد وقد تكون عصابات
من الصور الشائعة للمتاجرة بالموتى فى عالمنا الحالى ما يلى :
الصورة الأولى:
أن يقوم المشرفون على المقابر ببيع الجثث فى الغالب لطلبة كليات الطب وتلك الجثث فى الغالب تكون لم يمر عليها سوى عدة أيام قليلة فى المقبرة وقد قلت تلك التجارة فى العقد الأخير بسبب اختراع ما يسمى الجثث اللدنة أو النماذج البلاستيكية والتى يتم اجراء التشريح عليها أو استخدامها فى التعرف على أسماء الأعضاء ووظائفها أو تجربة الحقن وتركيب المحقن المؤقت
بالطبع كل الدول تجرم هذه الصورة
الصورة الثانية :
عرض جثث الموتى المحنطة أو المجففة أو عرض الجماجم والهياكل العظمية للقبائل التى يسمونها المتوحشة فى دواليب زجاجية مخلية من الهواء العادى حتى لا تتحل الجثث
الحكومات تبيح مشاهدة الجثث مقابل مالى رغم أن أديانها والتى ينص فى بعض دساتيرها على أن الدين هو مصدر التشريع فى الدولة
ورغم هذا لا تتورع كل دول العالم تقريبا عن عرض الجثث من خلال متاحفها المغلقة أو متاحفها المفتوحة أو فى المقابر مثل ضريح لينين المعروض للجمهور داخل صندوق زجاجى ويزوره كل من يزور موسكو من الوفود الرسمية وحتى السياح
وتذكرة رؤية تلك الجثث أعلى من تذكرة رؤية باقى المتحف
الصورة الثالثة :
بيع بعض أعضاء الموتى وهذا من خلال الميت نفسه حيث يبيع عضوه لمن يريد بعد موته أو يقوم مشرفو المقابر أو المشرفين على غرف ثلاجات الموتى باستخراج أعضاء من الجثث المجهولة أو المصابة فى حوادث وبيعها للأطباء ومن يريدون وهناك فريق أخر متخصص فى أعضاء معينة مثل :
الرءوس حيث يقومون بما يسمى تقليص الرءوس من خلال سلخ الوجه والجلد ثم سلق الدماغ وكشك كل ما التصق بالجمجمة ثم يقومون بحشو الجمجمة ووضع الجلد عليها وخياطتها ويبيعونها
الصورة الرابعة :
وهى استخدام المقابر داخل المعابد سواء كانت مساجد او كنايس أو بيع أو غير هذا فى جمع الأموال من الناس سواء نقود سائلة أو ذهب أو غيره من المعادن النفيسة من خلال وضع ما يسمى صندوق النذور بجوار المقاصير وهى غالبا ذهبية أو نحاسية وهى القبور وفيه يضع المغفلون أموالهم للميت
والغريب أن المغفلين يضعون المال للموتى وأما من يقتسمون المال فهم الأحياء ومن ضمنهم الحكومات التى تأخذ نسبة من تلك الأموال رغم أن دينها يحرم ذلك تحريما تاما
الصورة الخامسة :
أن يستخدم البعض أسماء أقاربهم الموتى فى الشحاذة من الناس فتجد أحدهم أو احداهن يستأذن أو تستأذن عليك ويقول لك اسم فلان أو علان من المكان الفلانى وقد مات ثم يعلن أنه قريبه سواء أخ أو أخت أو ابن أو ابنة.. ويطلب منك مبلغ من المال
بالطبع البعض منا عندما يذكر لك فلان أو علان وقد لا تعرفه تخجل وتقوم باخراج مال من جيبك وتعطيه للشحاذ والذى يكرر فعلته فى كثير من الأماكن خاصة المؤسسات العامة حيث الموظفين والذين تحن قلوبهم إلى عمل الخير فى أقارب موظف مثلهم مات لا يجدون قوت يومهم
بالطبع حرم الله عرض الجثث سواء لكفار أو لمسلمين وأمر كل الناس حتى ولو كانوا كفرة بدفن الجثث وهو المستفاد من بعث الغراب للحفر فى الأرض كى يعلم الإنسان دفن أخيه الميت
وفى هذا قال سبحانه :
"فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ فبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ"
ومن هنا جاءت المقولة الشهيرة :
اكرام الميت دفنه
ومن ثم وجب على المسلمين عند وجود جثة أو قطعة منها أن يقوموا بحفر حفرة لها فى المقابر أو فى أى مكان خالى من السكان ويقومون بدفنها وتستوى أن تكون الجثة أو القطعة لمسلم أو كافر من أى ديانة
بالطبع دفن الجثث هو أمر مفيد للبشرية حيث يمنع التالى :
-انتشار الأمراض من خلال الذباب والحشرات التى تهاجم الجثة المتروكة فوق الأرض ومن ثم تذهب وتقف على أحياء أو على طعامهم أو على غير هذا مما يمسونه
-منع انتشار الرائحة الكريهة فالموتى عند تحلل جثثهم تخرج منهم روائح كريهة تظل فى أنوف البشر مدة طويلة وتجعلهم يبتعدون عن مكان وجود الجثة
وأما اعطاء المال للميت وهو ما يطلقون عليه النذر للميت فهو أمر محرم فالميت لا يستفيد من المال الموضوع له فى الصندوق وإنما من يستفيد هم من عملوا بالمثل :
نحن دفناه سويا
وأصل المثل أن لصين وجد جثة كلب ميت فحفرا له حفرة ودفناه وجمعوا حجارة وبنوا عليه مقام من الحجارة ووضعوا صندوق نذور وكتبوا عليه لافتة ضريح الشيخ فلان ثم اتفقا على أن يذهب كل منهم إلى قرى ومدن فى ناحية ويذكروا حكايات كاذبة للناس عن بركات وكرامات الشيخ فلان وأن مقامه فى المكان الفلانى ومن أراد الحصول على بركته الذهاب لهناك وبعد مرور فترة ذهبوا للضريح فوجدوا الصندوق قد امتلآ فأخذوه وفتحوه وأخذوا ما فيه ثم اتفقا على دفن المال فى مكان معين وألا يذهب أحد منهما إلا مع الأخر لأخذ بعض المال وطمع أحدهم فى المال فذهب وحفر وأخذ المال كله ولما احتاج الأخر بعض المال طلب من زميله أن يذهبوا لأخذ بعض منه فلما ذهبوا فلما يجدوا شيئا فأقسم اللص وحياة سيدنا الشيخ ما أخذت شىء فقال له الأخر احنا دفنينه سوه
النذر لا يجوز لميت وإنما يجوز للحى بمعنى أن الناذر يقوم باعطاء الحى المال حيث يستفيد منه بينما الميت لن يستفيد بأى شىء وفى هذا قال سبحانه :
"وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار"
وأما أخذ أعضاء الموتى وبيعها فأمر محرم تماما والمباح هو :
اخذ أعضاء من أوصى بها للعلاج أو للتجارب العلمية التى تفيد المرضى فهذه مباحة من باب قوله سبحانه :
" وتعاونوا على البر والتقوى "
فمن البر افادة الغير بتركيب عضو الميت فى حى
وإن كان الواجب على الأطباء والمخترعين أن يقوموا بالاستغناء عن تلك الأعضاء باختراع أجهزة تحل محل تلك الأعضاء مثلما اخترعوا القلوب الصناعية والتى تحل محل القلب العضلى التالف
وأما طلبة كليات الطب والأطباء المختصون بالتشريح فقد كفتهم المخترعات فى عصرنا تشريح جثث الموتى من خلال النماذج اللدنة وهى البلاستيكية للجثث وإن كان البعض ما زال يعتمد على جثث الحوادث والجثث المجهولة حيث أن تشريح الجثث الميتة مختلف عن النماذج البلاستيكية
وتجارة الجثث من قبل المشرفين على المقابر أو المشرفين على ثلاجات الموتى أو لصوص المقابر هى أمر محرم فلا يجوز بيع الجثث لأن الواجب عند الله هو دفنها كلها
وإذا كان الله اعتبر الغيبة كحب أكل لحم الميت أمر مكروه أى محرم فما بالنا ببيع اللحم نفسه والعظام ؟
وفى هذا قال سبحانه :
" أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه "