نظرية العود الأبدي
من النظريات التى خرجت على لسان فريدريك نيتشه نظرية العود الأبدى وهى :
"كل ما كان ويكون .. سيكون مرة أخرى، وكل ما عشناه سيتكرر، وهذا التكرار أبدي لا نهاية له.
هذه مجرد نظرية فلسفية، تقوم على أن الزمن يسير في حلقات وليس بخط مستقيم، أي أن البداية والنهاية يمكن أن يلتقيا مجددا، والأحداث تتكرر مرارا من الجدير بالذكر بأن هذه النظرية غير مثبتة علميا لذا يعدها البعض مجرد خرافة، في حين هناك آخرون يرون أنها أصابت كبد الحقيقة"
بالطبع النظرية من جهة خاطئة ومن جهة أخرى صحيحة فالجهة الصحيحة هى :
أن الأحداث الكبرى تتكرر من خلال أزمنة مختلفة ولكن الأشخاص مختلفون وهذا هو ما حدث فى قصص الأقوام السابقة على عهد خاتم النبيين(ص)فهناك أحداث تكررت وهى:
إرسال رسول لكل قرية أى بلد يتحدث بلسانهم وقد تكرر حادث إرسال رسول أو أكثر لقوم
وفى المعنى قال سبحانه :
"ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا"
بعد جهر الرسول برسالته ينقسم القوم لفريقين :
الأول الفريق المؤمن وهو قليل العدد معظمه من الفقراء والضعفاء
والثانى الفريق الكافر وهو كثير العدد يقوده الأغنياء ومعهم أتباعهم من الفقراء والضعفاء
وفى المعنى وهو انقسام الناس فى عهد الرسل(ص) وحتى فيما بعده قال سبحانه :
"فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة".
وبعد انقسام القوم لفريقين يقوم الفريق الكافر بالاستهزاء وهو السخرية بالقول والفعل بكل السبل بالفريق المسلم .وهذا هو معنى تكذيبهم بالوحى
وفى المعنى قال سبحانه :
"وكم أرسلنا من نبى فى الأولين وما يأتيهم من نبى إلا كانوا به يستهزئون "
ويقوم الفريق الكافر بطلب المعجزات من رسولهم وهى الآيات والمقصود السلطان المبين لكى يصدقوا كما يزعمون أنه رسول من عند الله فيمنحهم الله بعض من الآيات المعجزات ومع هذا يكون رد فعلهم هو :
التكذيب بالآيات
وفى المعنى قال سبحانه :
"قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد أباؤنا فأتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله"
ويشن الفريق الكافر على الفريق المسلم أعمال أذى فيضرون الرسول والمؤمنين برسالته ويثوم كبار الفريق الكافر بتحسين باطلهم من أذى وسواه لبعضهم البعض .
وفى المعنى قال سبحانه :
"ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ".
وتزداد المؤامرات وهى المكر في البلد ضد كل شىء له علاقة بالفريق المسلم .
وفى المعنى قال سبحانه :
"وكذلك جعلنا فى كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها"
ويعاقب الله الفريق الكافر بأذى فترة من الزمن عقابا لا يميتهم حتى يرتدعوا فيتضرعوا إليه ومع هذا العقاب وهو الأذى يظل الفريق الكافر على كفر
ويشترط الفريق الكافرعلى رسولهم كى يؤمنوا برسالته أن يزيل الأذى وهو البأساء والضراء فيستجيب الله لدعاء النبى (ص)فيزيل العقاب فترة ويرسل لهم أنواع الخير ومع هذا يظلون على تكذيبهم
وفى المعنى قال سبحانه :
"ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شىء حتى إذا فرحوا بما أوتوا ".
ويتهم الفريق الكافر رسولهم بالتهم القبيحة مثل السحر والجنون وفى المعنى قال سبحانه :
"كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون ".
ونجد فعل متكرر أخر من الكفار وهو أن كل وحى يبلغه الرسول لهم يقوم كبارهم وهم الشياطين بتبديل الوحى وهو تحريفه ولكن الله يثبت والمقصود يحفظ وحيه ويمحو بفضله تحريف الكفار ويثبت والمقصود يحكم وحى في قلب الرسول وفى قلوب المسلمين .
وفى المعنى قال سبحانه :
"وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته ".
ومن ألأمور المتكررة يقوم الفريق الكافر بتخيير الرسول ومن معه بين قتلهم أو طردهم من البلدة وبين رجوع الفريق المسلم لدين الكفر ويجادلونهم بالباطل لمحو الحق
وفى المعنى قال سبحانه :
"وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن فى ملتنا ".
أن ييأس الرسول والمؤمنون من إيمان الفريق الكافر بالإسلام فيطلب الرسول من الله أن يهلكهم فيستجيب الله للدعاء فيدمر الفريق الكافر بعقاب مدمر وينجى الرسول والمؤمنين معه
وفى هذا المعنى قال :
"حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ".
أن يقيم الرسول والمؤمنين معه بعمل دولة المسلمين فى الأرض التى هاجروا إليها قبل نزول العقاب على كفار القوم
وفى المعنى قال سبحانه :
"أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية أدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فخلف من بعدهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ".
وهذه الأحداث الرئيسية تكررت في كل الأقوام ما عدا قوم يونس(ص) لأنهم آمنوا قبل نزول العذاب المهلك
وأما الاحداث التفصيلية فتكرارها ممكن وغير ممكن
النظرية خاطئة في تكرار كل الأحداث في القصص السابقة والحالية والمستقبلية فالأحداث الصغرى لا تتكرر وأحيانا الكبرى لا تتكرر مثل ما كان يحدث قبل انتهاء عهد النبوة
الآباء منذ قرن لم يكونوا يعرفون الجرار ذو المحاريث ولا آلات دارس المحاصيل وكانوا يستخدمون المحراث العادى الذى تجره الماشية والحمير والبغال وكان يقومون بدرس المحاصيل من خلال النوارج التى تجرها الحمير أو الماشية ومن ثم هنا المخترعات كأحداث لم تتكرر
الأمهات منذ قرن لم يكن يعرفن مواقد الغاز او الثلاجات او التلفاز والتى تعرفها نساء اليوم ومن ثم هذه الأحداث لم تتكرر في حياتهم
منذ قرون لم يكن هنا تصوير يظهر على أوراق تصوير أو على ورق ملون أو على شاشات وهذا القرن موجود كل هذا ومن ثم لم تتكرر هذه الأحداث وفى ذلك العصر كان الرسامون هم من يقومون برسم الناس في صور نصفية وهو ما يسمى بفن البورتريه
ومن البراهين القرآنية على أن هناك أمور لا تتكرر ما يلى :
ان المعجزات مثل :
تسخير الريح لسيمان بسرعة رواحها شهر وغدوها شهر
ظهور الجن والسيطرة عليهم وعملهم بإقامة المحاريب والتماثيل وهى المنارات وقدور الطعام
تسخير عين القطر
فقد دعا سليمان(ص) الله ألا يعطيها لأحد فقال :
" رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى "
أن القوم في عهد خاتم النبيين (ص) كانت إمكانياتهم أقل من العصور السابقة عليهم أقل بمقدار التسعة أعشار أو يزيد
وفى المعنى قال سبحانه :
" وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ"
وبناء على الكلام السابق :
الأحداث الكبرى تتكرر في كثير من الأحيان وهى أحداث تخص ألمم في الغالب
الأحداث الصغرى قد تتكرر وقد لا تتكرر
الزمن لا يتكرر فهو يسير في خط واحد فهو لا يعود ولا يرجع وإنما يظل في نقصانه وهو ما يطلق على زيادته خطأ
وفى المعنى قال سبحانه :
"وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير"
أن الخط الزمنى الحلقى أو الدائرى يعيدنا إلى عدم وجود مسئولية فردية يثاب عليها الإنسان ويعاقب كما قال سبحانه :
" كل نفس بما كسبت رهينة "
لأن الأشخاص يتكررون في تلك الحال وتتكرر حكاياتهم