مراجعة مقال سلسلة تشوهات خلقية غريبة على منصات السيرك
الكاتب هو ليث درادكة وموضوع المقال هو استغلال الأطفال والكبار أصحاب الضرر وهو المعاقين في أعمال السيرك لاضحاك الناس مع اساءة معاملاتهم
ابتدأ المقال بعمل تلك الفئة في السيرك وما لاقته من سوء على أيدى إدارات السيرك حيث قال :
"دعونا نعود قليلا لعنوان الموضوع الموجود بين قوسين (على منصات السيرك) , فأبطال قصصنا لهذا اليوم أفنوا أعمارهم على تلك المنصة , معاناتهم وعاهاتهم أضحت وسيلة تسلية وترفيه للآخرين , بؤسهم أصبح وسيلة لتكسب بعض الانتهازيين الذين تجردوا من كل شعور إنساني .. ولك أن تحكم عزيزي القارئ على سلوك ومعاملة هذه الفئة الانتهازية لأبطال قصصنا .. لكن دعوني لا أطيل عليكم , فأنا اكره المقدمات الطويلة كما تكرهونها انتم .. فهيا بنا نبدأ."
والحكاية الأولى عن طفل جعله والده مثله مدمن على الخمور ثم باعه أصحاب سيرك علموه أن يتصرف مثل الكلاب وعنه قال :
"جوجو الفتى صاحب وجه الكلب
هذا المسكين ولد لأب مدمن على الشراب اسمه أدريان لا تكاد الكأس تفارق يده , وللعلم ورث هذا الفتى مظهره من والده السكير حيث كان والده لديه نفس التشوه وكما تعلمون جميعا فإن مدمني الكأس والراح هم أناس أصحاب مشاكل , ولهذا فقد هرب الوالد السكير من قريته في احد الأيام مصطحبا معه أبنه , ربما بسبب تراكم الديون عليه , فشخص مثله لا يعمل ومدمن على الشراب من أين له نقود يسدد بها ديونه وقد انتهى المطاف بالأب والابن للعيش في الغابة , عاشا هناك حياة الوحوش , وبقيا هناك حتى أتى اليوم الذي تم فيه بيع جوجو إلى سيرك بارنوم.
وكأي سيرك في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين , كان مطمح أصحابه هو رفع إيراداتهم , فكانوا يبحثون عن المساكين ذوي الأشكال والعاهات الغريبة , يشترونهم من أهاليهم مقابل مبالغ زهيدة , ثم يتاجرون ببؤسهم عن طريق عرضهم على الناس في السيرك , وهذا هو بالضبط ما حصل مع جوجو ولإضفاء مزيد من الإثارة , فقد أشاعوا كذبا بأن جوجو ولد نتيجة لعلاقة آثمة بين أمه الفلاحة ودب!.
جوجو المسكين أمضى عدة سنوات في السيرك , وفي احد الأيام سقط والده أدريان ميتا جراء شدة الإفراط بالشرب , فما كان من جوجو إلا أن يمضي بعمله مع السيرك , وقد اشترط عليه مالكي السيرك أن يتعلم النباح وتصرفات الكلاب جميعها , مما أسبغ عليه لقب الفتى الكلب , وخلال فترة قصيرة أصبح من المع نجوم سيرك بارنوم , فكان الكثيرون يذهبون لمشاهدته , ليتعرفوا على الفتى صاحب وجه الكلب , لكنهم للأسف لم يتعرفوا على جوجو الإنسان , جوجو الحساس الذكي الذي يتكلم أربع لغات .. الألمانية ,الإنكليزية , الروسية بالإضافة إلى لغته الأم."
والحكاية الثانية عن امرأة كانت له صفات شبيه بالقرود ولكنها طبعا ليست قردا استغلها زوجا حية وميتة بعد ان اشتراها من أمها وعنها قال :
"جوليا بسترانا
جوليا بسترانا .. المرأة القرد .. جوليا هي فتاة مكسيكية من أصول هندية ولدت عام 1834 , لقبها الكثيرون بالمرأة القرد , وذلك بسبب فمها وأنفها الكبيرين بشكل غير طبيعي , إضافة لامتلاكها أذنين كبيرتين. وقد أصبحت جوليا بعهدة رجل يدعى ثيودور لينت , أشتراها من والدتها , وكانت تستطيع الرقص وعزف الموسيقى وقام لينت بتعليمها القراءة والكتابة بعدة لغات , ثم أخذها معه بجولة عالمية بغية الكسب المادي , حيث كان يقوم بعرضها على الناس مقابل النقود , بعبارة أخرى , كان سيركا من شخص واحد , ومن ثم تزوجها لغاية في نفسه , وبعد فترة من الزواج أنجبت له طفلا يمتلك نفس صفاتها لكنه مات بعد عدة أيام , وجوليا نفسها ماتت بعد طفلها بأيام قليلة متأثرة بمضاعفات الولادة , وكانت وفاتهما خلال جولة للزوجين في روسيا عام 1860 , وكانت جوليا قد ناهزت السادسة والعشرين عاما عند وفاتها. لحظة من الدهاء الممزوج بالخسة , قرر الزوج السيئ أن يحنط زوجته وابنه الميت ليتابع كسبه المادي , غير أبه بشكل زوجته المحزن وابنه الصغير , فلم يدفنهما وإنما أحتفظ بجثتيهما داخل صندوق زجاجي لا بل قد بلغت به الخسة والانتهازية أن يتزوج من امرأة أخرى لها نفس مواصفات زوجته الراحلة جوليا , وذلك بغية توسيع السيرك الخاص به , وقد أطلق على زوجته الجديدة اسم زينورا باسترانا , لكنه نال جزاءه العادل لاحقا حيث القي به في مصح عقلي , ومن بعده اختفت مومياء جوليا وابنها حتى عام 1921 حيث وجدت في اوسلو بالنرويج وظلت تعرض للعامة حتى سبعينات القرن الماضي عندما تم تهديد الحكومة النرويجية من قبل ناشطين حقوقيين برفع دعاوي ضدها , فأخفتها عن العامة حتى تمت سرقتها 1979 , ومن ثم تم استرجاعها بعد مدة قصيرة , وبعد ذلك تم حفظها في معهد الطب الشرعي في اوسلو عام 1990 ومن ثم تم إرجاعها إلى المكسيك في فبراير 2013 لتوارى الثرى في بلادها."
والكاية الثالثة عن فتاة أصيبت بمرض جعل رأسها تشبه الطيور ولذا سميت كوكو الطائرة وعنها قال :
"كوكو الفتاة الطائر
أسمها ميني ويلزي , ولدت عام 1880 في جورجيا , ورافقتها منذ ولادتها حالة تعتبر من اغرب الحالات المرضية على مدى العصور , ألا وهي متلازمة فيرتشو- سيكيل , وهي شديدة الندرة , حيث لم تسجل إلا حالات معدودة لا تتجاوز عدد أصابع اليد ومن أعراض هذه المتلازمة تقزم الرأس , حيث يصبح شكل الرأس كرأس الطير , وشكل الأنف كالمنقار , ويؤدي المرض إلى عدم نمو الرأس بصورة طبيعية , وبالتالي تكون قدرات المريض العقلية محدودة , وهذه المتلازمة تترك صاحبها أصلع وأعمى وبلا أسنان."
بالطبع المفروض أن أصحاب الضرر وهم المعاقين والمعاقات يقوم المجتمع برعايتهم وتوفير سبل الراحة لهم فلا يعملون في أى أعمال متعبة أو لا يعملون في كثير من الحالات ويقوم المجتمع بالانفاق عليهم وعلاجهم