مراجعة لمقال الكولوسيوم .. حلبة الموت الرومانية
الكاتب هو اياد العطار وموضوع المقال مبنى يسمونه حلبة الموت باعتبار أن مباريات المصارعة حتى الموت كانت تقام فيه والمطلوب فيها كان أن يقوم كا مصارع بقتل كل المصارعين الآخرين ويبقى هو اخيرا الحى بينهم
يقول الكاتب حاكيا :
"عشرات الآلاف من البشر تجمعوا داخل ملعب دائري ضخم في قلب مدينة روما الايطالية وهم يهتفون ويصرخون تفاعلا مع وقائع المباراة التي تجري أمامهم , رجال ونساء من مختلف الطبقات تباينت ملامح وجوههم ما بين الفرح والحزن والغضب وذلك تبعا لنتائج الفريق الذي يؤازروه ويشجعوه , لكن ما يجمع كل هؤلاء الأشخاص معا هو الشعور الغامر بالإثارة والحماسة , وقد تظن عزيزي القارئ بأن ما يشاهده هذا الجمع الغفير هو مباراة لكرة القدم , لكنها للأسف ليست كذلك , فهي في الحقيقة مباراة دموية لقتل البشر وتقطيع أوصالهم وسط صرخات وهتافات الجماهير التي تحض اللاعبين على إزهاق الأرواح البشرية بدون رحمة , والعجيب أن بعض تلك الهتافات المتعطشة للدماء كانت تصدر عن أجمل وارق حسناوات روما في ذلك الزمان."
وحكى الكاتب تفنن الرومان فى قتل أسراهم إما عن طريق الجنود الرومان وإما عن طريق قتل بعضهم لبعض أو وإما عن طريق الحيوانات المفترسة حيث قال :
"تم قتل نصف مليون انسان داخل حلبة الموت الرومانية من اجل المتعة والتسلية خلال القرن الثالث قبل الميلاد وأثناء فترة الحروب البونية بين روما وقرطاج ظهرت لعبة دموية عشقها الرومان القدماء إلى حد الجنون , كانوا خلالها ينزعون عن أسرى الحرب دروعهم ثم يعطوهم أسلحة بسيطة ويضعوهم في مواجهة مجموعة من الجنود الرومان المدججين بأمضى الأسلحة وأقوى الدروع , كانت العملية أشبه بالإعدام إذ إن التسليح غير المتكافئ كان يعني موت الأسرى لا محالة , وبمرور الزمن ابتكر الرومان أساليب دموية جديدة أضافوها إلى اللعبة فأخذوا يجبرون الأسرى على أن يقاتل احدهم الآخر في منازلات كانت الهزيمة فيها تعني الموت المحقق وأحيانا كانوا يضعون الأسرى المساكين في مواجهة مع الحيوانات المفترسة لتفتك بهم وتلتهمهم , وهكذا تحولت هذه المبارزات الوحشية إلى اللعبة الأكثر شعبية لدى الجماهير الرومانية القديمة فأصبح لها قوانينها وطقوسها ومقاتلوها المحترفون ( Gladiator وتعني باللاتينية السياف) الذين كان يتم تدريبهم في مدارس خاصة من اجل تهيئتهم للقتال داخل حلبات الموت الرومانية."
ووصف الكاتب البناء وتاريخ بناء الكولوسيوم حيث قال :
"بسبب الشعبية الكبيرة لحلبة الموت قام الرومان بتشييد حوالي 250 ملعبا مدرجا في أرجاء الإمبراطورية لكن ايا من هذه الملاعب لم تكن بعظمة وضخامة الكولوسيوم ( Colosseum ) الذي شرع الإمبراطور فيسبيان ببنائه عام 70 ميلادية وانتهى العمل فيه في عهد ابنه الإمبراطور تيتيوس عام 82 ميلادية , لقد كان بناء فريدا من نوعه وعملا هندسيا رائعا لا يليق إلا بعاصمة الإمبراطورية الرومانية. كانت الحلبة محاطة بجدار بعلو4.5 متر يحتوي على عدة بوابات متصلة بالدهاليز والإنفاق الموجودة تحت الحلبة وتستخدم لإدخال المقاتلين والحيوانات , وإلى الأعلى من جدار الحلبة كانت تقع مدرجات الجماهير التي يعتقد بعض علماء الآثار أنها كانت تستوعب لحوالي ثمانين ألف متفرج كبير حتى في مقاييس ملاعب اليوم.
المدرجات الداخلية للملعب تم تصميمها لاستيعاب المتفرجين حسب الرتبة والمقام , فالجزء الأقرب إلى الحلبة والذي يتمتع بأفضل مجال للرؤية كانت فيه مقصورتان رئيسيتان مخصصتان للإمبراطور وحاشيته وعذراوات فيستا وحول المقصورات الإمبراطورية كان يجلس أعضاء مجلس الشيوخ الروماني , أما النبلاء الرومان والضباط ذوي الرتب العالية فكانوا يجلسون في حلقة المدرجات التي تلي حلقة الإمبراطور ثم تأتي بعدها حلقة كبيرة من المدرجات المخصصة للمواطنين الرومان العاديين وتتكون من قسمين احدهما للأغنياء ويقع إلى الأسفل والثاني في الأعلى للفقراء , أما الحلقة الأخيرة من المدرجات فكانت تقع في أعلى الملعب ولا تحتوي على مصاطب للجلوس لأنها مخصصة للعبيد الذين كانوا يشاهدون المباريات وقوفا.
كانت مدرجات الكولوسيوم تحتوي أيضا على أقسام وقواطع مخصصة لشرائح معينة من المجتمع فهناك قواطع للجنود وأخرى للمهندسين وغيرها للكهنة والفلاسفة والمثقفين .. الخ , وكان الكولوسيوم مباحا لجميع أفراد الشعب باستثناء بعض الشرائح التي كان يحرم عليها دخوله مثل حفارو القبور والممثلين والمقاتلين المتقاعدين. حلبة الكولوسيوم كانت مخصصة بالدرجة الأولى لإقامة منازلات المبارزة المميتة ويعتقد أن ما يقارب النصف مليون إنسان لفظوا أنفاسهم الأخيرة على أرضيتها الرملية , ويشكل أسرى الحروب والعبيد والأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام غالبية من قضوا نحبهم داخل الكولوسيوم , البعض منهم تدرب لفترة من الزمن داخل مدارس خاصة لتدريب المقاتلين وآخرون مثل الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام كان يؤتى بهم مباشرة إلى الحلبة ويلقى بهم إلى الحيوانات المفترسة كالأسود والنمور أو يجبرون على مقاتلة بعضهم حتى الموت وغالبا ما كانوا يسقطون قتلى بسرعة لأن معظمهم أناس عاديين لا يجيدون القتال ولكن في حالات نادرة تمكن البعض منهم من النجاة من الموت عن طريق القتال بشجاعة فتغلبوا على خصومهم واكتسبوا عطف الجمهور الذي طالب بالإبقاء على حياتهم وتحولوا فيما بعد إلى مقاتلين محترفين.
لم يكن العبيد والأشخاص المحكوم عليهم بالموت هم المصدر الوحيد للمقاتلين وانما كانت هناك طبقة من المقاتلين الأحرار الذين اختاروا هذه المهنة من اجل المال والشهرة ولكن بما ان الشخص الذي يدخل الى حلبة الكولوسيوم كان يعتبر محكوما عليه بالموت ومجردا من جميع امتيازات المواطنة الرومانية لذلك كان المقاتلون المحترفون الأحرار يحتاجون دائما إلى شخص يلعبون تحت اسمه أي أشبه بالمتعاقد ووكيل الأعمال.
في الغالب كانت المبارزات تنتهي بموت احد طرفي النزال او استسلامه وفي حالة الاستسلام كان مصير المقاتل المهزوم يترك للجمهور الذي كان يعتمد في قراره على أداء وشجاعة المقاتل المستسلم داخل الحلبة فكان أحيانا يعفو عنه وأحيانا يطالب بقتله وقطع عنقه في الحال , ولم يكن مسموحا للمقاتلين بالتوسل او البكاء من اجل حياتهم بل كان يطلب منهم القتال بشجاعة والموت بشجاعة , ولأن اللعبة عنيفة ومرهقة لذلك فأن جولة المبارزة كانت لا تتجاوز العشرين دقيقة في أحسن الأحوال وكانت تنتهي غالبا بمقتل احد طرفي النزال ولكن في حالات نادرة جدا قد يستمر النزال لفترة أطول ربما تتجاوز الساعة وذلك بسبب تكافؤ القوة والشجاعة وفي هذه الحالة فأن الجمهور قد يطلب الإبقاء على حياة المقاتلان تقديرا لشجاعتهما.
كان المقاتل الفائز يكافأ بإعطائه سعفة نخيل ترمز إلى النصر إضافة إلى الهدايا والأموال التي قد يحصل عليها من الإمبراطور والنبلاء وأحيانا كان المقاتل يخوض عدة منازلات خلال اليوم الواحد , لكن مهما بلغت شجاعة المقاتل وقوته وعدد انتصاراته فأن الموت ينتظره لا محالة في النهاية لذلك كان متوسط عمر المقاتلون لا يتجاوز الثلاثين عاما في أحسن الأحوال والكثير منهم كانوا يفقدون حياتهم منذ أول منازلة يخوضونها , وفي بعض الأحيان كان المقاتلون لا يموتون في الحال وإنما يتعرضون لجروح بليغة لذلك كانت هناك مجموعة من الأشخاص مهمتهم الإجهاز على المقاتل الجريح عن طريق تهشيم رأسه بالهراوات ثم يجرد من ثيابه وينقل إلى خارج الحلبة حيث يتم ذبحه للتأكد من موته نهائيا وينقل بعدها إلى مقبرة مخصصة لدفن المقاتلين.
إضافة إلى الرجال كان هناك مقاتلات من النساء كما كانت المبارزات تتم أحيانا على شكل مجموعات مسلحة بمختلف الأسلحة كالرماح والسيوف والفؤوس وأحيانا نادرة كان الأباطرة يشاركون في القتال ولكنهم كانوا يحاطون برجال الحرس الإمبراطوري الذين كانوا يحرصون بشدة على أن لا يتعرض الإمبراطور للأذى.
إضافة إلى مباريات المبارزة كان الكولوسيوم يستخدم من اجل عروض صيد الحيوانات التي يتم خلالها مطاردة وقتل مختلف أنواع الحيوانات كالأسود والنمور والغزلان وأفراس النهر والزرافات والنعامة والفيلة وغيرها , وكذلك كان الكولوسيوم يستخدم لتقديم بعض العروض الدينية التي تحكي قصص الآلهة وأساطيرها وعادة ما يكون بطل القصة محكوما عليه بالإعدام ليتم التضحية به في نهاية العرض عن طريق قطع عنقه او حرقه بالنار! , كذلك كان الكولوسيوم يستخدم من اجل المعارك البحرية حيث كان يتم إغراق الحلبة بالماء بطريقة لا زال علماء الآثار يجهلون أسرارها ثم يتم جلب السفن والقوارب الحربية لتخوض معارك حقيقية داخل جدران الكولوسيوم.
في مطلع القرن السادس للميلاد تم منع منازلات الكولوسيوم نهائيا ومنذ ذلك الحين تم استخدام المبنى لأغراض شتى ما بين كنيسة مسيحية ومقبرة للموتى وقلعة لأحدى عوائل روما النبيلة, وخلال العصور الوسطى تعرض البناء إلى أضرار كبيرة نتيجة لهزة أرضية أدت إلى انهيار جزء كبير من جداره الخارجي , وفي القرن الثامن عشر حدث تحول كبير في النظرة الى الكولوسيوم حيث زعمت الكنيسة الكاثوليكية بأن المسيحيين الأوائل في روما تم تعذيبهم وقتلهم داخل حلبة الكولوسيوم وهو الأمر الذي أعطى المبنى أهمية دينية ساهمت في الحفاظ عليه. أما اليوم فقد تحول الكولوسيوم إلى أكثر الآثار في مدينة روما الايطالية جذبا للسياح كما تحول من رمز للموت إلى رمز وإيقونة اخذ مناصر وإلغاء عقوبة الإعدام في العالم يستخدموها في تظاهراتهم واحتجاجاتهم كما يتم تحويل إنارة الكولوسيوم من اللون الأبيض إلى اللون الاصفر خلال تنفيذ أي عملية إعدام حول العالم."
بالطبع كل هذه الحكايات قد تكون تاريخ مزور لا يمت للحقيقة بصلة حتى ولو كانت هناك كتب تاريخ تذكر ذلك فتلك الوحشية والحكايات فى الغالب هى خرافات وهذا المبنى الكبير لا يمكن أن يكون ملعبا وإنما كان مبنى لاجتماعات الجمهور أو الشعب الرومانى لاتخاذ القرارات من قبل من يسمونهم الرومان أو كان مبنى دينيا يستخدم فى الاحتفالات والأعياد ومن المعروف ان حكايات القتل تتم فى الخفاء وليس أمام بشر