خواطر حول مقال رحلة ابن فضلان العجيبة الى بلاد الصقالبة والبلغار
الكاتب هو اياد العطار وموضوع المقال هو الاطلاع على بعض من حياة الأوربيين فيما أسموه العصور الوسطى خطأ من خلال رحلة عربى إلى بلادهم
وفى ابتداء المقال ذكر الكاتب سبب رحلة ابن فضلان حيث قال :
"بأمر الخليفة العباسي المقتدر بالله سار ابن فضلان في رحلة طويلة وشاقة الى اصقاع من العالم كانت مجهولة ومتوحشة حيث يصف لنا الحياة في روسيا والبلغار وقبائل الفايكنغ قبل احدى عشر قرنا من الزمان ويروي ما شاهده من عجائب وغرائب تلك البلاد البعيدة بصورة مشوقة جعلت من رحلته من اهم المصادر التي يعتمدها الأوربيين للتعرف على حياة اجدادهم في تلك الفترة المظلمة من تاريخ أوروبا"
وذكر الكاتب سبب أهمية الرحلة عند علماء أوربا لأنهم أخبرتهم بما يجهلونه من بعض تاريخ تلك الفترة خاصة عن الفايكنغ حيث قال :
"رحلة ابن فضلان تحتل اهمية كبيرة واستثنائية بالنسبة للكتاب والمستشرقين الاوربيين لأنها تصف جانبا من حياة وعادات الاوربيين في ما يسمى بالفترة المظلمة من تاريخ اوربا وخاصة وانها تحتوي على وصف مثير لقبائل الفايكنغ المشهورة والتي تنحدر منها شعوب الدول الاسكندنافية كالسويد والنروج والدنمارك في فترة كانت الوثنية والجهل هي السمة الرئيسية لهذه الشعوب. "
وعاد إلى تكرار سبب الرحلة وهو أن الخليفة بعث ابن فضلان إلى ملك الصقالبة كان يريد نشر الإسلام بين شعبه وهو أمر غريب أن يتبنى ملك الإسلام مع ان كل الملوك يكذبونه ويرفضونه لأنه ينزع ملكهم حيث قال :
"في عام 309هـ - 921 م أمر الخليفة العباسي المقتدر بالله بأرسال بعثة الى البلغار عاصمة بلاد الصقالبة بناء على طلب ملك الصقالبة لكي يعلمونهم اصول الدين الاسلامي وأصبح ابن فضلان المقرب من بلاط الخليفة رئيس البعثة وكان معه مجموعة كبيرة من العلماء والفقهاء والتجار, وبعد رحلة طويلة وشاقة فقد فيها ابن فضلان اغلب رجال بعثته يصل الى بلاد الصقالبة عام 922م. "
وذكر وصف ابن فضلان وصف بلاد اسكندنافيا التى سماها الرس حيث قال:
"وفي رحلته يصف لنا ابن فضلان عادات وتقاليد الشعوب والامم التي يمر بها في بلاد الترك والصقالبة والخزر (روسيا) واهم جزء في الرسالة هو وصفه لقبائل الرس (من القبائل الاسكندنافية) حين قدومها الى بلاد البلغار للتجارة فيقول:
"رأيت الروسية وقد وافوا في تجارتهم، ونزلوا علي نهر إتل، فلم أر أتم أبدانا منهم كأنهم النخل، شقر حمر، لا يلبسون القراقط ولا الخفاتين، ولكن يلبس الرجل منهم كساء يشتمل به علي أحد شقيه، ويخرج إحدي يديه منه، ومع كل واحد منهم فأس وسيف وسكين، لا يفارقه جميع ما ذكرناه وسيوفهم صفائح مشطبة افرنجية، ومن حد ظفر الواحد منهم إلي عنقه مخضر شجر وصور وغير ذلك "."
ووصف ابن فضلان طقوس الموتى فى تلك البلاد حيث قال :
"ويستمر ابن فضلان بوصف هؤلاء القوم وعاداتهم ولعل اطرف واغرب جزء من مشاهداته هو الجزء المتعلق بالموتى وكيف يتم حرق جثثهم بعد الموت في مراسيم وطقوس تصاحبها تضحية بشرية:
"واذا مرض منهم واحد , ضربوا له خيمة ناحية عنهم وطرحوه فيها وجعلوا معه شيئا من الخبز والماء ولا يقربونه ولا يكلمونه , بل لا يتعاهدونه في كل ايام مرضه , لا سيما ان كان ضعيفا او مملوكا , فأن بريء قام ورجع اليهم , وان مات أحرقوه , فأن كان مملوكا تركوه على حاله تأكله الكلاب وجوارح الطير".
"اما اذا مات احدهم فالعاده عندهم ان يحرقوه , فإذا كان فقيرا يعملون له سفينة صغيرة ويجعلونه فيها ويحرقونها".
واذا كان غنيا ولديه خدم وجوار فإن طقوس حرقه وإشعال النار فيه تتناسب مع يسره وغناه وقد شهد ابن فضلان بنفسه موت رجل جليل منهم وتابع طقوس حرقه من البداية فهو يقول:
"فلما مات ذلك الرجل الذي قدمت ذكره قالوا لجواريه: من يموت معه؟ فقالت احداهن: أنا , فوكلوا بها جاريتين تحفظانها وتكونان معها حيث سلكت , حتى انهما ربما غسلتا رجليها بأيديهما.
واخذوا في شأنه وقطع الثياب له واصلاح ما يحتاج اليه , والجارية في كل يوم تشرب وتغني فرحة مستبشرة فلما كان اليوم الذي يحرق فيه هو والجارية حضرت الى النهر الذي فيه سفينة فإذا هي قد اخرجت وجعل لها اربعة أركان من الخشب ثم مدت حتى جعلت على ذلك الخشب , واقبلوا يذهبون ويجيئون ويتكلمون بكلام لا يفهم , وهو بعد في قبره لم يخرجوه , ثم جاءوا بسرير فجعلوه على السفينة وغشوه بمساند الديباج الرومي ثم جاءت امرأة عجوز يقال لها "ملك الموت" ففرشت على السرير الفرش التي ذكرنا , وهي وليت خياطته واصلاحه , وهي تقتل الجواري , فرأيتها ساحرة ضخمة مكفهرة.
فلما وافوا قبره نحو التراب عن الخشب ونحوا الخشب واستخرجوه في الازار الذي مات فيه , فرأيته قد اسود لبرد البلد , وقد كانوا جعلوا معه في قبره نبيذا وفاكهة وطنبورا فأخرجوا جميع ذلك , فإذا هو لم ينتن ولم يتغير منه شيء غير لونه , فألبسوه سراويل ورانا وخفا وقرطقا وقفتان ديباج له ازرار ذهب , وجعلوا على رأسه قلنسوة ديباج سمورية , وحملوه حتى ادخلوه القبة التي على السفينة , واجلسوه على المضربة , وأسندوه بالمساند وجاءوا بالنبيذ والفاكهة والريحان فجعلوه معه. وجاءوا بخبز ولحم وبصل فطرحوه بين يديه , وجاءوا بكلب فقطعوه نصفين والقوه في السفينة , ثم جاءوا بجميع سلاحه فجعلوه الى جانبه , ثم اخذوا دابتين فأجروهما حتى عرقتا ثم قطعوهما بالسيف والقوا لحمهما في السفينة , ثم جاءوا ببقرتين فقطعوهما ايضا والقوهما فيها , ثم احضروا ديكا ودجاجة فقتلوهما وطرحوهما فيها. والجارية التي تريد ان تقتل ذاهبة جائية تدخل قبة من قبابهم فيجامعها صاحب القبة ويقول لها " قولي لمولاك انما فعلت هذا من محبتك ". فلما كان وقت العصر من يوم الجمعة جاءوا بالجارية الى شيء قد عملوه مثل ملبن الباب فوضعت رجليها على اكف الرجال وأشرفت على ذلك الملبن وتكلمت بكلام لها فأنزلوها ثم اصعدوها ثانية ففعلت كفعلها في المرة الأولى ثم انزلوها واصعدوها ثالثة ففعلت فعلها في المرتين ثم دفعوا اليها دجاجة فقطعت رأسها ورمت به وأخذوا الدجاجة فألقوها في السفينة فسألت الترجمان عن فعلها فقال: " قالت في اول مرة اصعدوها: ها أنذا ارى ابي وامي وقالت في الثانية: ها انذا ارى جميع قرابتي الموتى قعودا وقالت في الثالثة: ها انذا ارى مولاي قاعدا في الجنة , والجنة حسنة خضراء , وهو يدعوني فأذهبوا بي اليه " فمروا بها نحو السفينة فنزعت سوارين كانا عليها ودفعتهما الى المرأة التي تسمى ملك الموت وهي التي تقتلها ونزعت خلخالين كانا عليها ودفعتهما الى الجاريتين اللتين كانتا تخدمانها , وهما ابنتا المرأة المعروفة بملك الموت ثم اصعدوها الى السفينة ولم يدخلوها القبة , وجاء الرجال ومعهم التراس والخشب ودفعوا اليها قدحا من النبيذ فغنت عليه وشربته , فقال لي الترجمان: " انها تودع صويحباتها بذلك, ثم دفع اليها قدح أخر فأخذته وطولت الغناء والعجوز تستحثها على شربه والدخول الى القبة التي فيها مولاها , فرأيتها وقد تبلدت وارادت دخول القبة فأدخلت رأسها بينها وبين السفينة فأخذت العجوز رأسها وأدخلها القبة ودخلت معها وأخذ الرجال يضربون بالخشب على التراس لئلا يسمع صوت صياحها فيجزع غيرها من الجواري ولا يطلبن الموت مع مواليهن , ثم دخل الى القبة ستة رجال فضاجعوها واحدا بعد الاخر ثم اضجعوها الى جانب مولاها وامسك اثنين رجليها واثنين يديها وجعلت العجوز التي تسمى ملك الموت في عنقها حبلا مخالفا ودفعته الى اثنين ليجذباه وأقبلت ومعها خنجر عريض النصل , فأقبلت تدخله بين اضلاعها موضعا موضعا وتخرجه والرجلان يخنقانها بالحبل حتى ماتت.
ثم وافى اقرب الناس الى ذلك الميت فأخذ خشبة وأشعلها بالنار ثم مشى القهقري قفاه الى السفينة ووجهه الى الناس , والخشبة المشتعلة في يده الواحدة ويده الاخرى الى خلفه وهو عريان, حتى احرق الخشب المعبأ الذي تحت السفينة من بعدها وضعوا الجارية التي قتلوها في جنب مولاها".
وقد لاقت رحلة ابن فضلان كما ذكرنا رواجا كبيرا في اوربا وتم تحويلها الى فلم سينمائي (مع انه تم تحوير قصة الرحلة) بأسم (المحارب الثالث عشر) من بطولة الممثل الامريكي الشهير أنتونيوبانديراس."
طقوس الموت هذه هى طقوس وثنية تذكرنا بالساتا فى الهندوسية وهى حرق الزوجة الحية مع زوجها الميت
والحقيقة أن معظم كتب التراث هو كتب لم يكتبها سوى الكفار وكتبوا عليها أسماء مسلمين مزورة ورحلة ابن فضلان تتعارض فى أساسها وهو رغبة ملك الصقالبة فى نشر الإسلام بين شعبه فالكبار وهم الملوك والحكام طغاة لا يرغبون فى الإسلام كما قال سبحانه :
" كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى "
والسبب الرئيسى للتكذيب هو أن الإسلام يعيد الملك مثله مثل أى فرد فى شعبه وينزع عن ملكه وماله وهو ما لم يقم به أحد فيما نعرف إلا ملكة سبأ عندما قالت :
" وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين "