دفن الإنسان وهو حى
دفن الإنسان وهو حى أمر موجود فى الواقع فقد ذكر الله لنا أن بعض الكفار الذين كانوا يعتبرون انجاب البنات أمر سوء وكان يغتمون ويحزنون وتعلو وجوهم الكآبة والحزن كانوا يدفنون بناتهم المولودات وهن حيات فى التراب وفى هذا قال سبحانه :
"إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ"
هذا الدفن وهو الدس فى التراب هو عادة ما زالت موجودة فى العالم من خلال الآباء الذين يعتبرون إنجاب بنت عار
وهناك أنواع أخرى من دفن الأحياء :
الأول :
دفن الحى كعقاب له على معارضته لكبير القوم سواء عمدة أو شيخ بلد أو غير هذا ويحكى فى ذلك حكايات كثيرة شائعة منها أن بعضهم كان يربط الحى ويطلب من البنائين اقامة جدران حوله وفوقه حتى يموت جوعا وعطشا أو مخنوقا من نفاد الهواء وهو أمر من باب تطبيق للمثل :
" اضرب المربوط يخاف السايب"
الثانى دفن من أصيب بغيبوبة أو اغماء فى القبر حيث يظنه من حوله وحتى بعض الأطباء ميت فيقومون بإصدار تصريح دفن والكثير من الناس دفنوا وهم أحياء وماتوا فى قبورهم التى لم يفلحوا فى الخروج منها وهناك البعض خرجوا من قبورهم بعد الدفن عندما أفاقوا وهناك كتاب لابن أبى الدنيا اسمه :
من عاش بعد الموت
وهو يذكر فيها حكايات لناس يقال أنهم ماتوا ثم عادوا للحياة ولكن فى الحقيقة لا يوجد أحد يرجع من الموت بعد عصر خاتم النبيين(ص) كما قال سبحانه :
"وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"
ولأن الله منع الآيات المعجزات فى عهده حيث قال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أم كذب بها الأولون "
ومن صمن الآيات المعجزات بالطبع :
عودة الموتى للحياة
ومن حكايات كتاب ابن أبى الدنيا من عاش بعد الموت :
52 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَدِيٍّ الطَّائِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ شَيْخًا، بِالْكُوفَةِ فِي بَنِي كَوْرٍ يَذْكُرُ أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ امْرَأَةٍ فَلَمَّا انْتَهَى بِهَا إِلَى الْقَبْرِ تَحَرَّكَتْ، قَالَ: فَرُدَّتْ فَعَاشَتْ بَعْدَ ذَلِكَ دَهْرًا وَوَلَدَتْ."
ومنها :
11 - حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى خَالِي فَسَجَّيْنَاهُ بِثَوْبٍ، وَقُمْنَا نَغْسِلُهُ، فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى تَرْزُقَنِي غَزْوًا فِي سَبِيلِكَ، قَالَ: فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ مَعَ الْبَطَّالِ."
ومنها :
26 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْعَتَكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ أَبُو يَزِيدَ الرَّقِّيُّ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَوْشَنٍ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى الْمَدَنِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَرَّةً لِسَفَرٍ فَمَرَرْتُ بِقَبْرٍ مِنْ قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْقَبْرِ يَتَأَجَّجُ نَارًا، فِي عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ مِنْ نَارٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ، اسْقِنِي، قَالَ: فَقُلْتُ: عَرَفَنِي فَدَعَانِي بِاسْمِي، أَوْ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ، يَا عَبْدَ اللهِ، إِذْ خَرَجَ عَلَى أَثَرِهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَبْرِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ لاَ تَسْقِهِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ، ثُمَّ أَخَذَ السِّلْسِلَةَ فَاجْتَذَبَهُ وَأَدْخَلَهُ الْقَبْرَ، قَالَ: ثُمَّ أَضَافَنِيَ اللَّيْلَ إِلَى بَيْتِ عَجُوزٍ، إِلَى جَانِبِ بَيْتِهَا قَبْرٌ، فَسَمِعْتُ مِنَ الْقَبْرِ صَوْتًا يَقُولُ: بَوْلٌ وَمَا بَوْلٌ، شَنٌّ وَمَا شَنٌّ فَقُلْتُ لِلْعَجُوزِ: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: كَانَ هَذَا زَوْجًا لِي، وَكَانَ إِذَا بَالَ لَمْ يَتَّقِ الْبَوْلَ، وَكُنْتُ أَقُولُ لَهُ: وَيْحَكَ إِنَّ الْجَمَلَ إِذَا بَالَ تَفَاجَّ، فَكَانَ يَأْبَى، فَهُوَ يُنَادِي مُنْذُ يَوْمِ مَاتَ: بَوْلٌ وَمَا بَوْلٌ، قُلْتُ: فَمَا الشَّنُّ؟ قَالَتْ: جَاءَهُ رَجُلٌ عَطْشَانُ فَقَالَ: اسْقِنِي، فَقَالَ: دُونَكَ الشَّنُّ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَخَرَّ الرَّجُلُ مَيِّتًا، فَهُوَ يُنَادِي مُنْذُ يَوْمِ مَاتَ: شَنٌّ وَمَا شَنٌّ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ، فَنَهَى أَنْ يُسَافَرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ."
ومنها :
34 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَالَتِي، قَالَتْ: رَكِبْتُ يَوْمًا إِلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ وَكَانَتْ لاَ تَزَالُ تَأْتِيهِمْ قَالَتْ: فَنَزَلْتُ عِنْدَ قَبْرِ حَمْزَةَ، فَصَلَّيْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُصَلِّيَ، وَمَا فِي الْوَادِي دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ يَتَحَرَّكُ إِلاَّ غُلاَمٌ قَائِمٌ آخِذٌ بِرَأْسِ دَابَّتِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ صَلاَتِي قُلْتُ هَكَذَا بِيَدِي: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَسَمِعْتُ رَدَّ السَّلاَمِ عَلَيَّ يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ أَعْرِفُهُ كَمَا أَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَنِي وَكَمَا أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ فَاقْشَعَرَّتْ كُل شهرة منى "
وتفاديا لدفن الأحياء المصابين بغيبوبة أو اغماء يجب أن ينتظر الناس بعد وفاة الإنسان عدة ساعات وأن يكشف عليه عدة أطباء وليس طبيب واحد وكل واحد بعد الأخر بفترة وليسوا معا
بالطبع الحالات المشكوك فى موتها قليلة وتكون معروفة أن عندها أمراض تصيب بغيبوبة كالسكرى والكبد أو ضغط الدم المنخفض وهؤلاء يجب الانتظار على دفنهم عدة ساعات
ومن الممكن وضع أنابيب بلاستيكية مفرغة الداخل أمام أنوفهم عند الدفن بوضع تراب الحفر فوقهم لتسمح لهم بالتنفس إن كانوا أحياء
وفى الترب الحالية المبنية وهى غير شرعية يجب عدم وجود أبواب حديدية والاكتفاء بوضع طوب مبنى بالطين وليس بالأسمنت لتسهيل خروج الأحياء منهم
الثالث :
الدفن كعقاب على جريمة وقد ذكر مقال الدفن حيا التالى :
"عرف عن القبائل الجرمانية الأوروبية أنها كانت تعاقب المتهم بالخيانة أو الهارب من المعركة فتربطه إلى أغصان الأشجار وتنكس رأسه إلى الطين حتى يموت تحت الوحل، وكان قانونهم الجزائي ينص أن المجرم يعاقب أمام الناس أما العار فيدفن تحت الأرض، أما في الدنمارك فقد سنت الملكة مارجريت الأولى في عام 1269م قانون ينص على أن المرأة السارقة تدفن حية أما الرجل السارق فيقطع رأسه وفي زمن الإمبراطورية الرومانية سنت قوانين تنص على أن يعاقب من يغتصب فتاة عذراء بالدفن حيا، أما من يغتصب امرأة غير عذراء فعقابه قطع الرأس، ويعاقب القانون أيضا المرأة التي تقتل سيدها بالدفن حية، وكذلك كانت تفعل بعض القبائل بشبة الجزيرة العربية حيث كانوا يقوموا بدفن المولود إذا كان بنتا خوفا من العار."
وهذا الدفن العقابى ممنوع فى الإسلام إلا فى حالة واحدة وهى القتل بالمثل والمقصود :
أن يقتل أحدهم إنسان بحبسه داخل قبره مانعا عنه الطعام والشراب والهواء
ساعتها العقوبة تكون أن يموت القاتل بنفس الطريقة كما قال سبحانه :
" وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به "