الصعيد الطيب هل هو نبات الأرض؟
فى مقال طريف من مقالات بعض المفسرين الجدد أخبرنا من أسمى نفسه تلاميذ دكتور شرور أن التراثيين ضحكوا علينا كل هذا الزمان عندما أخبرونا أن الصعيد الطيب هو التراب حيث قال:
"التيمم خلاف ما فهموّك
فعلى مر 1400 سنة لم يخرج عاقلا من هذه الأمة
ليقول للناس اتقوا الله وافهموا القرآن وفق القرآن
ولكن يبدو أن سحر التراث قد أعمى أبصار الكل
حتى صرفوا الغاية الإلهية العظيمة من حكم التيمم عن الناس وأبدلوها بمفهوم ساذج عفن "
وعبر مقال طويل أخبرنا أت التيمم بالتراب هو إهانة للمصلى حيث يجعل وجهه مطينا موحى حيث قال :
أولا:..يعني إن تيمم متعرق الوجه بالتراب ثم دخل المسجد ليصلي ألا يصبح وجهه وحلًا وطينا ؟..."
وأخبرنا أن الصعيد معناه كل ما يصعد من الأرض حيث قال :
"ثانيا:...إذ القرآن قد ذكر لك ثلاث حالات للصعيد
والثلاث حالات لا علاقة لها بالتراب على الإطلاق
صعيدا طيبا
صعيدا جرزا
صعيدا زلقا
والصعيد هو كل ما يصعد من الأرض ويعلو
والثلاث حالات تتحدث عن النباتات لزاما"
قم أخبرنا بمعنى الصعيد الجرز والزلق والطيب حيث قال :
"صعيدا جرزا:
أخبرك بحالة من حالات تبدل الأرض يوم القيامة إذ أنه سيجزر ما عليها من نباتات ثم يفرشها مجددا بفراش ونبات الجنة ويجعلها حدائق ذات بهجة
صعيدا زلقا:
أخبرك عن جنة الكافر أصحاب الجنتين
أن يرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا
أي يسحق نباتها ولم تعد صالحة للنبات أصلا ويتعطل صعيد النبات منها كليا
صعيدا طيبا:
وهو النبات الصاعد من الأرض ذات الطيب والرائحة العطرة الطيبة"
....حتى كلمة (طيبا) لا تتلائم مع التراب
إذ هل هناك تراب طيب وتراب خبيث؟"
ثم أخبرنا أن المقصود بالصعيد الطيب هو النبات صاحب الرائحة العطرة وهو كل نباتات الأرض فى زعمه حيث قال :
وبتعذر وجود الماء جاء البديل الموضعي
وهو الصعيد الطيب "التعطر"
فقال إن لم تجدوا ماءً (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)
أي فاتخذوا ما يصعد من الأرض من طيب
وهنا قد يقول قائل: علام لم يقل فتعطروا أو تطيبوا بصريح العبارة ؟
ج: لو قال فتعطروا أو تطيبوا لأوجب الحكم عطرا
في حين أن هناك ناس لا تملك ثمن العطر والطيب
لذا قال (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)
فتيمموا بأي شيء يصعد من الأرض يحمل طيب
كالورد الياسمين الفل المسك الزعفران عود الآراك
أي نبات يصعد من الأرض له رائحة طيب تيمم منه
افركه بيدك وامسح به وجهك ويديك"
بالطبع كان على ذلك المفسر الجديد أن يسأل نفسه كما نسأل أنفسنا :
أين لا يوجد الماء ؟
بالطبع الماء يندر أو ينعدم عندما نكون فى مكان ليس به ماء مثل الصحارى أو الجبال الجرداء والأودية الجافة
ومن ثم لابد أن نبحث عن الموجود فى تلك البيئات وسنجد أنه :
الغبار وهو التراب الذى يتواجد على الرمال او يتواجد على الصخور الجرداء
ومن ثم لا تقابلنا حالة التيمم إلا فى حالات السفر فى تلك الأراضى وأما حيث يتواجد الناس فى المدن والقرى والنجوع والكفور وأماكن الرعى فلا تقابلنا حالة التيمم
الماء يتواجد حيث تتواجد الزراعة الغابات الأنهار الآبار
هذا هو العادى فى التفكير عندما نريد معرفة ما هو الصعيد
ولو أفلح الكاتب لأوجد لنا آية واحدة من كتاب الله تدل على المعنى الذى إليه ولكنها كلها استنتاجات بلا دليل من كتاب الله
وسوف نستعرض هنا الآيات التى فسرنا لنجد تفسيرها فى كتاب الله واضحا ونبدأ بآية الصعيد الجرز حيث قال سبحانه :
"إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا"
هنا زينة الأرض هى نباتاتها والتةى يجعلها أى يحولها الله إلى صعيد جرز والمقصود أرض ميتة والأرض الميتة هى التى لا يتواجد فيها ماء
بدليل ان الله فى آية أخرى بين أنه ينزل والمقصود يسوق الماء إلى الأ{ض الجرز وهى الجافة الخالية من الماء حيث قال :
"أوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ"
فلو كان معنى الصعيد الجرز النبات المفروش فلماذا أخرج الله منها بالماء الزرع كما تقول الآية؟
وفسر الله الصعيد الجرز وهو الأرض الجرز بالأرض وهى البلدة الميتة حيث قال :
"وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا"
وقال :
"وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ"
وقال :
"وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُون"
إذا تفسير ال{ض الجرز هو البلدة الميتة هى الأرض الميتة والميتة لا يوجد بها زرع لأن ليس بها ماء ومن ثم يكون معنى الصعيد الطيب :
التراب الجاف
بدليل أن الله يرسل لها الماء بعد أن كان لا يوجد بها ماء
وأما الصعيد الزلق فقد ذكر فى قوبه سبحانه :
"فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا"
وما يرسل من السماء وهو الحسبان هو الصواعق المحرقة كما قال سبحانه :
"أوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ"
وقال أيضا:
"وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ"
وقال أيضا :
"أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا"
ما الذى يحدث عندما تنزل نار السماء على الحدائق ؟
إن الحدائق تحترق وتتحول إلى تراب جاف
أوقد شجرة بالنار وانتظر لتعرف ماذا يحدث لها فى النهاية من شدة النار
النتيجة تراب جاف سواء كان أسود أو أبيض فكله تراب جاف
ومن ثم لا يمكن أن يكون الصعيد الطيب نبات يصعد من الأرض لأن آيات الوضوء والتيمم تتحدث عن حدث استثنائى وهو :
عدم تواجد الماء فى المنطقة وكما سبق القول :
الماء لا يتواجد فى الصحارى والأودية الجافة وحيث الصخور الجرداء وهذه الأماكن لا يذهب لها الإنسان إلا فى حالة سفره لعدم تواجد مقومات الحياة بها