خواطر حول قصة التنين
الكاتب هو قصي النعيمي وموضوع المقال هو حكايات الشعوب المختلفة عن التنين والذى يعتبر خيال شعبى لعدم وجود تنانين حقيقية وقد ابتدأ بالحديث عن تخيل العامة حيث قال
"بدأت قصة الإنسان لتبدأ حكايته مع غرائب الطبيعة وحوادثها الطارئة. ونحو هدفه المتجدد بإدراك المعرفة وإشباع روح الفضول كان سعيه الحثيث لتفسير تلكم الغرائب، وعلى الرغم من ذلك السعي فلم تكن أدواته ولا معارفه لتمكنه من بلوغ هدفه المنشود.
وهنا حين اعترف الإنسان بقلة حيلته وقصور إدراكه كان طريق الخيال مرتعا خصبا له في سبيل طلب الحقيقة فكانت العنقاء والغول وكان الخل الوفي "
وابتدأ في حكاية ما جاء في تراث بعض الشعوب عنه مبتدئا بالثقافة الصينية حيث قال :
"وكان التنين أما التنين وهو عنوان مقالي، فقد بات تراث مشتركا لدى كثير من الأمم والشعوب، وأصبحت حكايته موروثا تقاسمت أطرافه ثقافات العالم القديم والحديث. وانطلاقا من ذلك الاختلاف الجغرافي نشأ اختلاف كل قوم في نظرتهم للتنين، وتشكلت أنواع عديدة تحكي قصة التنين عبر الموروث الإنساني، ومن أهم تلك الأنواع:
1 - التنين الصيني
للتنين أهمية كبيرة ومنزلة خاصة في الفلكلور والتراث الصيني هناك في أقصى الشرق، حيث التقى الضياء بالشواهق الخضر، وبعيدا حيث تلاشت ملامح الحقيقة خلف أستار الخيال، كان التنين هو الشعار والمعتقد ولا يزال وبشكل عام، فإن التنين في التراث الصيني أو" Lung " كما يطلقون عليه، يمثل لديهم رمزا للخير والفضيلة كما ويعبر عن الجمال والقوة أما شكله الظاهري، فقد استمد ملامحه من الرمزية التي حازها في التراث الصيني، فهو يتميز بقوة البنية وحدة الرؤية، له أربع قوائم وجسد كأجساد الأفاعي في مرونته وتمدده، إضافة لقدرته على نفث النيران من فمه المكلل بالأنياب فهو يستطيع التحليق أو العوم في المياه العميقة وتمثل المحيطات والأماكن الرطبة البيئة المثالية لعيش هذا الكائن، والمسرح الذي تدور فيه غالب قصصه مع الإنسان.
وتاريخيا، فإن كون التنين رمزا للخير والقوة في المعتقد الصيني لدهور طوال أفسح له مجالا واسعا في عالم الفنون بأنواعها وقد كان التنين رمزا للصين الإمبراطورية وأباطرتها حتى عام 1912 م، عندما أقيمت الجمهورية على يد "صن يات سين".
والجدير بالذكر أن التنين كان شعارا لعديد من الممالك والأحلاف في شتى بقاع الشرق الآسيوي، ولا تزال دولة كدولة بوتان تتخذه شعارا قوميا لها ومن الناحية الحياتية، فإن التنين أصبح حقيقة في المجتمع الذي يعيشه أهل الصين من خلال تماثيله في المعابد العتيقة أو القصور الأثرية وقديما تزينت أثواب الصينيين الحريرية بتصاويره الخلابة، وباتت نقوشه على تلكم الأثواب كالماركة المعتمدة لها، وفي ظلال التمدد السريع لأباطرة المغول أصبحت تلكم الأثواب مشهورة حتى خارج نطاق القارة الآسيوية، وقد أثبتت ذلك كثير من المخطوطات أشهرها تلك التي تعود لعام 1287 م، وتظهر رسما ليوحنا القيليقي الأرميني مرتديا إحدى هذه الأثواب.
هناك احتفالات ومهرجانات في الصين خاصة بالتنين ..
بعيدا عن الفنون والموروثات الملموسة، فالشعب الصيني يحمل للتنين تقديرا وإجلالا في كافة مجالات حياته فكما أنهم يعتبرون شهر التنين (إحدى شهور السنة الصينية) شهرا للنماء والازدهار، فإنهم يعتقدون أن كل مولود فيه سينعم في حياته بالصحة والرفاه وفي تعابير اللغة الصينية الحديثة، فالتنين يعتبر لقبا لأصحاب السلطة والنفوذ، خصوصا إذا علمنا مدى اعتقادهم بقدرته على الإمطار وتحريك مكونات الطبيعة المختلفة مثل المياه والرياح، وقد أعطته هذه المعتقدات مسحة من الألوهية وشيئا من القداسة لدى أهل الصين."
والكلام السابق مجرد معتقدات موروثة فلا يوجد تنين حقيقى يطير وله وجه أفعى وينفث النار ويعيش في البر والبحر والجو
وحكى لنا حكايات أوروبا عن التنين حيث قال :
2 - التنين الأوروبي
للتنين تاريخ ضارب في القدم في الثقافة الاوربية
من بين طيات الكتب العتيقة انبعثت حكاية التنين الأوروبي تروي ملاحم التضحية والإباء ومن وحي تراث الأقدمين انطلقت الأسطورة بأمتع القصص إلى أقلام الأدباء ولنبدأ في سرد قصة التنين الأوروبي علينا أن نتلمس بداياتها وملامح نشأتها من خلال التسمية وجذورها ولغويا، فإن معظم التسميات الأوروبية التي تطلق على التنين كالمفردة " Dragon " الإنجليزية و" Drachen " الألمانية، تعود بأصولها إلى الكلمة اللاتينية " Draco " والتي تعني بدورها الحرص والحذر أوالمراقبة بانتباه ومن الملاحظ هنا أن " Draco " تشير إلى الكلمة الإغريقية " Drakon "، وهي دمية قماشية على صورة كلب أو ذئب تم استخدامها من قبل شعوب السلاف قديما في حروبها بما يشبه الراية كما تشير بذلك نقوش عمود تراجان الأثري في روما، وهذه النقوش تصور إحدى حملات الإمبراطور الروماني تراجان على مملكة داتشيا جنوب شرقي أوروبا.
قصة القديس جورج - مار جرجس - مع التنين تعد الأشهر في التراث الاوربي والمسيحي وشبيها بالتنين الصيني، فإنه يمتلك جلدا قشريا وقدرة فائقة على إطلاق النيران من جوفه ويمتاز التنين الأوروبي بجناحين عظيمين كأجنحة الخفافيش، ووذيل متين يمكنه من الدفاع عن نفسه وبواسطة القراءة المتعددة في التراثيات نجد كثيرا من خصائصه، ومن أبرز تلك الخصائص كانت المنافع السحرية لدمه والذي يجعل شاربه متمكنا من فهم لغة الطير.
بحسب المعتقدات والاساطير فإن التنين بإمكانه ان ينفث النار من فمه
دائما ما كانت تنظر الشعوب الأوروبية إلى التنين على أنه كيان العدائية والشر، وترسخت هذه النظرة في القرون الوسطى مع الحكايات التي تصوره دائما كحارس للكنوز المخزونة في القلاع أو الكهوف بينما نجد أن الأساطير في شرقي أوروبا تذكر التنانين غالبا كتوأمين يكون الذكر منهما مدافعا عن البشر على النقيض من توأمه الأنثى، والتي ترمز للشغب والأذى وبشكل معاكس للصورة التي تبثها هذه الحكايات والموروثات، فالتنين بات شعارا لغير واحدة من المقاطعات والمدن في شتى بقاع أوروبا، كمقاطعة ويلز البريطانية ومدينة ليوبليانا عاصمة سلوفانيا.
ويمكن إرجاع هذه المكانة التي اكتسبها التنين إلى تصويره كحام للثروات وصاحب سمات عدائية ضد المعتدين عليه، والتي أوجدت منه صورة غير مباشرة من صور الإباء أو الوطنية وربما يؤيد ذلك الرأي مني ما كان في حرب الوردتين الأهلية، فضمن هذه الحرب التي دارت رحاها لثلاثة عقود، اتخذت عائلة يورك التنين الأحمر رمزا لها خلال معركة "بوسورث"، بينما كان الخنزير الأبيض شعار عائلة لانكستر.
يعد التنين شعارا للعديد من الدول والأسر الملكية والعوائل النبيلة في أوربا .. وكما بدأت حديثي عن التنين الأوروبي أنهيه مسحورا بتلك العلاقة الأصيلة بين الإنسان والأسطورة تغير مذهل، وانقلاب على النمط السائد ومع موجة الأفلام الكارتونية كسلسلة أفلام " Shrek " كان التأصيل لهاذا التغير، وكان تثبيت أركان ذاك الانقلاب فمن كائن وحشي إلى حيوان أليف، ومن كائن يعبر عن الشرور انبثق رمز القومية والإيباء."
وتناول ما اسماه التنين الإسلامى حيث قال :
3 - التنين الإسلامي
منذ 1400 عام، وغير بعيد عن تلك الحضارات السالفة الذكر، سطعت أنوار حضارة جديدة ببشائر ثورة علمية وعملية هائلة. ومثلما انطلقت هذه الحضارة ممتدة من الرقعة العربية إلى العالم شرقا وغربا، كذلك انطلقت بها مسيرة معرفية من التجديد والإحياء. ومن خصائص تلك المسيرة الإسلامية قيامها على ثوابت أصيلة من الإيمان الراسخ بالتوجيهات الدينية. ومن هذا المنطلق آمن الكثير بوجود التنين كمخلوق غيبي وردت الأحاديث بوجوده فهو كما تصوره الأحاديث حية عظيمة سحوق لها سبع رؤوس وقدرة على نفث النيران والحقيقة أنه ما من خبر أو حديث صحيح في ذكر التنين فقد أنكرها وضعفها أهل المعرفة والعلماء.
استعاد التنين شهرته وشعبيته في السنين الأخيرة بسبب ظهوره في العديد من الأفلام السينمائية ورغم تضعيف وإنكار الروايات التي تثبت وجوده، فإننا نلاحظ توسعا كبيرا في ذكر التنين من قبل الإخباريين أو غيرهم من المصنفين. فهذا الأبشيهي في كتابه "أطرف ما في المستطرف" تحت باب "ذكر الدواب والوحوش" يقول واصفا إياه: "جسده كالليل، أحمر العينين لهما بريق، واسع الفم والجوف" أما في خبر نشأته فيقول: "وأول أمره يكون حية متمردة ثم تطغى وتتسلط على حيوان البر فيستغيث منها، فيأمر الله تعالى ملكا فيحملها ويلقيها في البحر فتقيم فيه مدة ثم تتسلط على حيوانه أيضا، فيستغيث منها فيأمر الله بإلقائها في النار فيعذب بها الكافرين".
وهذه القصة التي أوردها الأبشيهي ومع افتقارها لأصل تستند عليه، فإنها تظهر تأثرا بينا بالمأثورات التي تناقلتها الشعوب الوثنية القديمة. ومن أبرز هذه المأثورات القصة الإسكندنافية التي تحكي عن "لوكي" كيان الشغب في التقاليد النوردية وابنه "يورمنجاند" الذي يمثل أفعى عملاقة.
وشبيها بما كتبه الأبشيهي، فإن "يورمنجاند" يستمر في النمو والتمرد على الأرض مما يضطر بأبيه "لوكي" بإلقائه في البحر حيث يستمر في أفعاله المؤذية والتخريبية."
قطعا لا يمكن يوصف التنين بالإسلامى لعدم ذكره في الوحى أو حتى في الروايات المنسوبة للنبى(ص) أو الصحابة
واختتم الكاتب بكلام غامض حيث قال :
"ختاما أقول ..
هنا تنتهي قصة التنين، ومعها تبقى تساؤلات لا زالت عقبة تواجهنا في سبيل إدراك المعارف الغائبة ويظل باب الخيال مشروعا لكل باحث ومفكر، فلعل أحدهم ينظم من ضياء الحقائق المتناثرة حكاية أخرى، أو ينسج من خطى الأوائل طريقا للسائلين."
لا وجود للتنين كحقيقة وإنما هو مجرد خرافات اخترعتها الكهنة ومن اشابههم لتخويف الناس أو تخويف الأعداء ومن ثم جمع الأموال من الناس لحمايتهم من تلك المخلوقات التى لم تخلق
الدليل هو أنه لم يظهر في حياتنا ولا يوجد حفرية لأى تنين ولا يوجد مخلوق يعيش في البيئات الثلاث معا حتى يمكن أن يوجد هذا الخيال