المعية الإلهية فى النجوى
يوجد فى كتاب الله نوعان من المعية الإلهية :
الأول معية الرحمة وهى تأييد المؤمنين به فى الدنيا والآخرة كما فى قوله سبحانه :
" أنى معكم "
والمقصود إنى مؤيدكم وبلفظ أخر ناصركم
وقوله :
" إن الله معنا "
والمقصود إن الله ناصرنا على عدونا
وقوله :
" إننى معكما أسمع وارى "
والمقصود أنى مؤيدكم بقوتى أعلم ما يحدث
الثانى معية العلم ومعناها أن الله يعلم ما يدور فى السموات أو فى الأرض وقد أتت فى عدة آيات مختلفة ولكن هذا المقال يركز على آية معية النجوى وقد ذكر مؤلفه خمسة وعشرين قولا من يقرأها سيلاحظ القادم :
أولا اتفاق الكل على أن المراد بالمعية هو العلم الإلهى
ثانيا وهو الخطأ كون الله فوق العرش أو فىالسماء وهو ما يعنى أنه متواجد فى مكان والغريب أن الكل ينفى وجوده فى مكان ومع هذا يثبت المتناقضين وهو وجوده فوق العرش والعرش لديهم مكان بدليل وجود جهة وهى الفوقية والثانية وجود الله فى مكان هو السماء
وإليكم الأقوال :
"أقوال العلماء في تفسير آيات المعية العامة
1 - قول ابن عباس :
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} قال: "عالم بكم أينما كنتم"
2 - قول الضحاك بن مزاحم (بعد المائة)
عن مقاتل بن حيان عن الضحاك في قوله عز وجل {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} قال: "هو فوق العرش وعلمه معهم أينما كانوا."
- قول مقاتل بن حيان (قبل 150 هـ)
قال في قوله تعالى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} قال: "هو على العرش ولا يخل شيء من علمه".
4 - قول أبي حنيفة (150 هـ)
قال نعيم بن حماد: سمعت نوح بن أبي مريم يقول: كنا عند أبي حنيفة أول ما ظهر، (أي أمر الجهم بن صفوان) إذ جاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهما، فدخلت الكوفة، فأظنني أقل ما رأيت عليها عشرة ألاف من الناس، تدعو إلى رأيها، فقيل لها إن رجلا هاهنا قد نظر في المعقول يقال له أبو حنيفة، فأتته وقالت: أنت الذي تعلم الناس المسائل وقد تركت دينك، أين إلهك الذي تعبده؟ فسكت عنها، ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها، ثم خرج إلينا وقد وضع كتابا أن الله في السماء دون الأرض، فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ} قال: "هو كما تكتب إلى الرجل إني معك وأنت غائب عنه"
5 - قول سفيان الثوري (161 هـ)
عن معدان، قال سألت سفيان الثوري عن قول الله عز وجل {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} قال: "علمه"
6 - قول الإمام مالك (179 هـ)
قال عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال حدثنا سريج بن النعمان أخبرني عبد الله بن نافع قال: كان مالك بن أنس يقول: "من قال القرآن مخلوق يوجع ضرباً ويحبس حتى يموت"، وقال مالك: "الله عز وجل في السماء، وعلمه في كل مكان" وتلا هذه الآية {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} وعظم عليه الكلام في هذا واستشنعه
7 - قول نعيم بن حماد الخزاعي1 (228 هـ)
قال أحمد بن منصور الرمادي سمعت نعيم بن حماد الخزاعي في قوله
{وَهُوَ مَعَكُمْ} : "أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه، ألا ترى قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} الآية، أراد أنه لا يخفى عليه خافية".
8 - قول علي بن المديني (234 هـ) سئل عن قوله تعالى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} فقال: اقرأ ما قبله {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ}.
9 - قول إسحاق بن راهويه (238 هـ)
قال حرب بن إسماعيل: قلت لإسحاق بن راهويه في قول الله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} كيف تقول فيه؟ قال: "حيث ما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه"
10 - قول الإمام أحمد (241 هـ)
قال أبو طالب سألت أحمد بن حنبل عن رجل قال: إن الله معنا، وتلا {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} . قال: "قد تجهم هذا، يأخذون بآخر الآية، ويدعون أولها هلا قرأت عليه {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} فالعلم معهم، وقال في سورة (ق) {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} فعلمه معهم" قال المروزي: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل، إن رجلا قال: أقول كما قال الله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} ، أقول هذا ولا أجاوزه إلى غيره. فقال أبو عبد الله: "هذا كلام الجهمية". قلت: فكيف نقول؟ قال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ}
علمه في كل مكان وعلمه معهم" ثم قال: "أول الآية يدل على أنه علمه"
قال حنبل: قلت لأبي عبد الله ما معنى قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ} ، و {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} ؟. قال: "علمه محيط بالكل، وربنا على العرش بلا حد ولا صفة"
قال أحمد بن جعفر الفارسي الإصطخري: قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل: "هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروقها، المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها، فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق".
ثم ساق الإمام أحمد أقوالهم في العقيدة إلى أن قال: "وخلق سبع سموات بعضها فوق بعض، وسبع أراضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام، والماء فوق السماء العليا السابعة، وعرش الرحمن عز وجل فوق الماء، والله عز وجل على العرش، والكرسي موضع قدميه، وهو يعلم ما في السموات والأرضين السبع وما بينهما، وما تحت الثرى، وما في قعر البحار، ومنبت كل شعرة وشجرة، وكل زرع وكل نبات، ومسقط كل ورقة، وعدد كل كلمة، وعدد الحصى والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وأعمال العباد وآثارهم وكلامهم وأنفاسهم، ويعلم كل شيء، وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نور ونار وظلمة وما هو أعلم به.
فإن احتج مبتدع ومخالف بقول الله عز وجل {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} وبقوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}
وبقوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى قوله {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} ونحو هذا من متشابه القرآن فقل: إنما يعني بذلك العلم، لأن الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا ويعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان"
11 - قول عبد الله بن مسلم بن قتيبة (276 هـ)
قال الإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتاب "تأويل مختلف الحديث" له: "نحن نقول في قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} إنه معهم يعلم ما هم عليه، كما تقول للرجل وجّهته إلى بلد شاسع، احذر التقصير فإني معك، تريد أنه لا يخفى عليَّ تقصيرك، وكيف يسوغ لأحد أن يقول: إنه سبحانه بكل مكان على الحلول فيه مع قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ومع قوله {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} كيف يصعد إليه شيء هو معه، وكيف تعرج الملائكة إليه وهي معه، ولولا أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم، وما ركبت عليه خِلَقُهم من معرفة الخالق لعلموا أن الله هو العلي وهو الأعلى، وأن الأيدي ترتفع بالدعاء إليه، والأمم كلها عجميها وعربيها، تقول: إن الله في السماء. ما تركت على فطرها"
12 - قول الإمام الدارمي (280 هـ)
قال في كتابه "الرد على الجهمية" باب -استواء الرب تبارك وتعالى على العرش، وارتفاعه إلى السماء وبينونته من الخلق: "فاحتج بعضهم فيه بكلمة زندقة استوحش من ذكرها وتستر آخر من زندقة صاحبه فقال: قال تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} قلنا: هذه الآية لنا عليكم لا لكم، إنما يعني أنه حاضر كل نجوى، ومع كل أحد من فوق العرش بعلمه، لأن علمه بهم محيط، وبصره فيهم نافذ، لا يحجبه شيء عن علمه وبصره، ولا يتوارون منه بشيء، وهو بكماله فوق العرش بائن من خلقه {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} ، أقرب إلى أحدهم من فوق العرش من حبل الوريد، قادر على أن يكون له ذلك، لأنه لا يبعد عن شيء ولا يخفى عليه خافية في السموات ولا في الأرض، فهو كذلك رابعهم، وخامسهم، وسادسهم، لا أنه معهم بنفسه في الأرض كما ادعيتم، وكذلك فسرته العلماء..".
13 - قول محمد بن عثمان بن أبي شيبة (297 هـ)
وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة، في كتاب "العرش" له: "ذكروا أن الجهمية يقولون: إن ليس بين الله وبين خلقه حجاب، وأنكروا العرش، وأن يكون الله فوقه، وقالوا إنه في كل مكان" وذكر أشياء إلى أن قال: "فسرت العلماء {وَهُوَ مَعَكُمْ} يعني بعلمه، توافرت الأخبار أن الله خلق العرش فاستوى عليه بذاته فهو فوق العرش بذاته، متخلصا من خلقه بائنا منهم"
14 - قول محمد بن جرير الطبري (310 هـ)
قال في تفسير قوله تعالى {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} : "يقول: هو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم، يعلمكم ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سبع سمواته"
وقال في تفسير قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ... } الآية: "وعنى بقوله {هُوَ رَابِعُهُمْ} بمعنى مشاهدهم بعلمه وهو على عرشه"
15 - قول أبي الحسن الأشعري (324 هـ)
قال في "رسالة إلى أهل الثغر" " ... وأنه يعلم السر وأخفى من السر، ولا يغيب عنه شيء في السموات والأرض حتى كأنه حاضر مع كل شيء، وقد دل الله عز وجل على ذلك في قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وفسَّر ذلك أهل العلم بالتأويل أن علمه محيط بهم حيث كانوا"
16 - قول أبي بكر الآجري (360 هـ) قال الإمام أبو بكر الآجري الحافظ، في كتاب "الشريعة" له: - باب في التحذير من مذهب الحلولية -:
"الذي يذهب إليه أهل العلم، أن الله عز وجل على عرشه، فوق سمواته، وعلمه محيط بكل شيء، قد أحاط علمه بجميع ما خلق في السموات العلى، وبجميع ما في سبع أراضين، يرفع إليه أعمال العباد.
فإن قال قائل: إيش يكون معنى قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} الآية التي احتجوا بها؟. قيل له: علمه، والله عز وجل على عرشه، وعلمه محيط بهم، كذا فسره أهل العلم، والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم، وهو على عرشه، فهذا قول المسلمين"
17 - قول ابن بطة العكبري2 (387 هـ)
قال الإمام الزاهد أبو عبد الله بن بطة العكبري، في كتاب "الإبانة": - باب الإيمان بأن الله على عرشه، بائن من خلقه، وعلمه محيط بخلقه - أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين، أن الله على عرشه، فوق سمواته، بائن من خلقه فأما قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ} ، فهو كما قالت العلماء: علمه.
وأما قوله {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} معناه: أنه هو الله في السموات، وهو الله في الأرض، وتصديقه في كتاب الله {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} ، واحتج الجهمي بقوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} ، فقال: إن الله معنا وفينا، وقد فسر العلماء أن ذلك علمه، ثم قال في آخرها {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} "
18 - قول الثعلبي (427 هـ)
قال في قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}: "في العلم"
19 - قول الإمام أبي عمر الطلمنكي (429 هـ)
قال في كتابه "الوصول إلى علم الأصول": "وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ونحو ذلك من القرآن أن ذلك علمه، وأن الله فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء"
20 - قول أبي زكريا يحي بن عمار (442 هـ)
قال الإمام أبو زكريا يحي بن عمار السجستاني، في رسالته:
"لا نقول كما قال الجهمية، إنه مداخل للأمكنة، وممازج لكل شيء ولا نعلم أين هو؛ بل هو بذاته على العرش، وعلمه محيط بكل شيء، وعلمه، وسمعه، وبصره، وقدرته، مدركة لكل شيء، وهو معنى قوله
{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ، وهو بذاته على عرشه كما قال سبحانه وكما قال نبيه صلى الله عليه وسلم"
21 - قول البيهقي (458 هـ)
قال الإمام أبو بكر بن الحسين البيهقي في كتاب "الاعتقاد":
"وفي كثير من الآيات دلالة على إبطال قول من زعم من الجهمية أن الله بذاته في كل مكان. وقوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} إنما أراد به بعلمه لا بذاته"
22 - قول الإمام ابن عبد البر (463 هـ)
قال: "وأما احتجاجهم بقوله عز وجل {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ} الآية، فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية، لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التأويل في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية: هو على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله"
23 - قول البغوي (510 هـ)
قال في قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} "في العلم"
24 - قول قوّام السنة أبي القاسم الأصبهاني3 (535 هـ)
قال: "فإن قيل: قد تأولتم قوله عز وجل {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وحملتموه على العلم. قلنا: ما تأولنا ذلك، وإنما الآية دلت على أن المراد بذلك العلم، لأنه قال في آخرها {نَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} "4
25 - قول أبي محمد اليمني (من علماء القرن السادس الهجري)
قال: "وربما نقول ثاني اثنين وثالث ثلاثة ورابع أربعة وأكثر من ذلك، بمعنى العلم والحفظ لا بمعنى الشريك لأنه يقول وقوله الحق {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} أي عليم بهم وحفيظ لهم أينما كانوا، لا بمعنى التشريك"
26 - قول ابن كثير (774 هـ)
قال في تفسير قوله تعالى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ ... } الآية:
"أي مطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم، ورسله أيضاً مع ذلك تكتب ما يتناجون به مع علم الله به وسمعه له كما قال تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} . ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن مراد بهذه الآية معية علمه تعالى ولا شك في إرادة ذلك"
27 - قول الشوكاني (1250هـ)
قال في تفسير قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} : "أي بقدرته وسلطانه وعلمه"
وقال في تفسير قوله تعالى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ} الآية: "مستأنفة لتقرير سمو علمه وإحاطته بكل المعلومات ... ومعنى {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} إحاطة علمه بكل تناج يكون منهم في أي مكان من الأمكنة".
قال الشوكاني في شرح حديث "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني"
قال: "فيه تصريح بأن الله تعالى مع عباده عند ذكرهم له، ومن مقتضى ذلك أن ينظر إليه برحمته، ويمده بتوفيقه وتسديده، فإن قلت: هو مع جميع عباده كما قال سبحانه وتعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ، وقوله جلّ ذكره {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} الآية.
قلت: هذه معية عامة، وتلك معية خاصة حاصلة للذاكر على الخصوص بعد دخوله مع أهل المعية العامة، وذلك يقتضي مزيد العناية ووفور الاكرام له والتفضل عليه، ومن هذه المعية الخاصة ما ورد في كتابه العزيز من كونه مع الصابرين، وكونه مع الذين اتقوا، وما ورد هذا المورد في الكتاب العزيز أو السنة، فلا منافاة بين إثبات المعية الخاصة وإثبات المعية العامة" "
بالطبع الله ليس في الكون وهو المكان لأنه لا يشبه خلقه فى تواجدهم في المكان كما قال سبحانه :
"ليس كمثله شىء"
وأما قول البعض عن كونه فوق العرش وقوله أنه في السماء فهو مخالف تماما لعدم المثلية والعرش المحمول فوق الملائكة في مكان هو السماء كما قال سبحانه :
"وانشقت السماء فهى يومئذ واهية والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية"
ومن ثم لا وجود لله فى السماء ولا فى الأرض
والغريب أن من قالوا أنه فى السماء نفوا وجوده فى الأرض مع أنه طبقا لقوله سبحانه :
"وهو الله فى السموات وفى الأرض"
فى الاثنين معا لو فسرناها على غير ما فسرها الله فالله بين مقصده بأنه إله من فى السماء وإله من فى الأرض كما قال سبحانه :
"وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله"
فالله لا يتواجد لا فى السماء ولا فى الأرض ومعيته إما علمه وإما رحمته ولا يصح القول بتواجده فى لأنه كان قبل الخلق وهو المكان بما فيه